تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرج عبد بن حميد في مسنده (1

455 #1574): أخبرنا عبد الرزاق أنا معمر قال سمعت هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أفطرنا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ذات يوم، ثم بدت الشمس". فقال إنسان لهشام: أقضوا أم لا؟ قال: لا أدري!

وكلامكم عن "الترجيح بين الروايات" لا ينطبق هنا لأنه لا يوجد تناقض في الروايات حتى يكون هناك ترجيح. ففي رواية أبي أسامة (لفظ البخاري) يقول هشام: لا بد من قضاء. فهذا رأيه، ولو كان عنده خبر لذكره وأسنده. وفي حادثة أخرى ذكر أنه ليس عنده خبر.

ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:16 ص]ـ

مذهب الجمهور في المسألة أقوى حجة وأنظر من الناحية الأصولية وذلك أنه لا خلاف بين أهل العلم في أن المأمور لا يسمى ممتثلا ولا تبرأ ذمته ولا تسقط عنه المطالبة بأداء الفعل الواجب إلا إذا أتى به تاما موافق

لمقتضى التكليف, ولما كان المكلف تعرض له أحوال من الخطأ والنسيان والنوم والاكراه وما ألحق به كالإغماء

رفع الشرع عنه إثم الإخلال بأداء الواجب ولكن مع المطالبة بأدائه وقت التمكن منه , فلا تبرأ ذمته إلا بهذا الأدء المكتمل للشروط الشرعية , ألا ترى أنه لو صلى في الوقت ظانا منه أنه على طهارة وبعد الانتهاء من صلاته تيقن أنه أداها بغير وضوء أكانت تبرأ ذمته بهذا الأدء؟ وهل يصح له الاستدلال على إجزائها بنسيانه لانتقاض وضوئه؟

أم أنه يقال له لا بأس فالخطب يسير وليس عليك حرج في هذا الأداء و صلِّ مكانها أخرى. هذا الذي يتعين والذي يؤيده النظر الصحيح والقياس السليم (الذي هو عدم براءة الذمة إلا بأداء الواجب موافقا للشرع)

فلو ترتب في ذمة عبدٍ دينٌ لشخص واتفقا أنه يؤديه إليه على 5 أقساط تخفيفا عليه ,فأدى هذا العبد 4 أقساط

وتطاول الزمن حتى ظن أنه قد أدى خمسا, فهل كان ينفعه هذا الظن؟ وهل تبرأذمته به؟ أم أنه لابد له بعد التذكر وتيقن خطئه من أداء دين ذلك الشخص وأن ذمته متعلقة به لا تبرأ إلابهذا الأداء.؟ فدين الله إذا أولى وأحق بالقضاء.

وقول من قال (فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلم ينقل ذلك دلّ على أنه لم يأمرهم به") فجوابه

إذا كان راوي الخبر لم ينقل في ذلك نفيا أو إثباتا فكيف يصح أن يحتج بخبره أنه يفيد النفي؟

* ثم الأصل أننا مأمورون بأداء الصوم على الوجه المطلوب شرعا ولا ينتقل عن هذا الأصل (لعذر من الأعذار المذكورة) إلا بدليل فلما لم يرد نص صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد أن من أكل أو شرب ناسيا فلا قضاء عليه ,علمنا بأنه مطالب مع هذه الأعذار بالقضاء باق على هذا الأصل المقرر.

ولا يحتاج التنبيه على شذوذ الزيادة الملحقة بخبر (من أكل أو شرب ناسيا في رمضان فإنما أطعنه الله وسقاه) -ولا قضاء عليه- لشهرة ذلك عند أهل النقل.

والله أعلم

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:26 م]ـ

قال ابن القيم: القياس يقتضي سقوط القضاء،لأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان نفس الصوم،ولو أكل نسيا لصومه لم يجب عليه قضاؤه والشريعة لم تفرق بين الجاهل والناسي،فإن كل واحد منهما قد فعل ما يعتقد جوازه وأخطأ في فعله،وقد استويا في أكثر الأحكام وفي رفع الآثار فما الموجب للفرق بينهما في هذا الموضع؟ وقد جعل أصحاب الشافعي وغيرهم الجاهل المخطئ أولى بالعذر من الناسي في مواضع متعددة. وقد يقال إنه في صورة الصوم أعذر منه،فإنه مأمور بتعجيل الفطر استحبابا،فقد بادر إلى أداء ما أمر به واستحبه له الشارع فكيف يفسد صومه؟ وفساد صوم الناسي أولى منه،لأن فعله غير مأذون له فيه،بل غايته أنه عفو،فهو دون المخطئ الجاهل في العذر.

وبالجملة: فلم يفرق بينهما في الحج،ولا في مفسدات الصلاة كحمل النجاسة وغير ذلك،وما قيل من الفرق بينهما بأن الناسي غير مكلف والجاهل مكلف،إن أريد به التكليف بالقضاء فغير صحيح،لأن هذا هو المتنازع فيه،وإن أريد به أن فعل الناسي لا ينتهض سببا للإثم،ولا يتناوله الخطاب الشرعي فكذلك فعل المخطئ،وإن أريد أن المخطئ ذاكر لصومه مقدم على قطعه،ففعله داخل تحت التكليف بخلاف الناسي فلا يصح أيضا لأنه يعتقد خروج زمن الصوم،وأنه مأمور بالفطر،فهو مقدم على فعل ما يعتقده جائزا،وخطؤه في بقاء اليوم كنسيان الآكل في اليوم فالفعلان سواء فكيف يتعلق التكليف بأحدهما دون الآخر؟! وأجود ما فرق به بين المسألتين: أن المخطئ كان متمكنا من إتمام صومه بأن يؤخر الفطر حتى يتيقن الغروب بخلاف الناسي فإنه لا يضاف إليه الفعل،ولم يكن يمكنه الاحتراز،وهذا - وإن كان فرقا في الظاهر - فهو غير مؤثر في وجوب القضاء،كما لم يؤثر في الإثم اتفاقا،ولو كان منسوبا إلى تفريط للحقه الإثم،فلما اتفقوا على أن الإثم موضوع عنه دل على أن فعله غير منسوب فيه إلى تفريط،لا سيما وهو مأمور بالمبادرة إلى الفطر،والسبب الذي دعاه إلى الفطر غير منسوب إليه في الصورتين،وهو النسيان في مسألة الناسي وظهور الظلمة وخفاء النهار في صورة المخطئ،فهذا أطعمه الله وسقاه بالنسيان ومعناه أطعمه الله وسقاه بإخفاء النهار ولهذا قال صهيب: " هي طعمة الله "،ولكن هذا أولى،فإنها طعمة الله إذنا وإباحة وإطعام الناسي طعمته عفوا ورفع حرج،فهذا مقتضى الدليل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير