تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: ليس في هذا جواب عما ذكرته في النكتة الثالثة عشرة مما يتعلق بهذا، ولم يزل فيماذكره المؤلف غموض، ولاسيما أنه لم يذكر أمثلة للتوضيح. نعم كلهم أهل سنة لكن هل تعامل المتقدمون والمتأخرون مع الأشخاص أنفسهم و أمثالهم في تلك المخالفات فاختلفوا في معاملتهم، أو أن المتأخرين اختلفت معاملتهم عن المتقدمين لاختلاف وتغير المخالف فاقتضى ذلك تغير المعاملة لتغير المخالفة؟ فلايكون بينهما في الحقيقة اختلاف. وهذه المسائل دقيقة، وطرحها بدون توضيح وتفصيل يترتب عليه أخطاء في فهم منهج السلف.

وبعض المغرضين اليوم يفرحون بمثل هذه العبارات التي يستغلونها لتأييد مواقفهم فهم يقولون: مادام أن أهل السنة تتغير مواقفهم ومناهجهم في معاملة أهل البدع في كل عصرحسب المصلحة التي يرونها، وكل تلك المواقف المختلفة محسوبة على منهج أهل السنة ولاتخرج عنها فنحن في هذا العصر نرى المصلحة في نوع آخر من المعاملة نتقارب فيها مع أهل البدع ليحصل الاجتماع وتتحقق الوحدة الإسلامية، ونترك في سبيل ذلك الأمور التي تسبب الفرقة والعداوة. وقد قال الشيخ السبت في كتابه ص 19:" ولم يكتفوا بذلك بل اتخذوا أهل الأهواء أصحابا وجلساء، وقدموهم للناس فيما تحت أيديهم من وسائل إعلامية على أنهم يحملون فكرا يمكن الإفادة منه!! فهم بذلك كله قد حادوا عن طريقة السلف الصالح رضي الله عنهم في منهجهم في التعامل مع أهل الأهواء والبدع"

أقول: نسي الشيخ السبت قوله في ص 13 في بيان منهج السلف:" إذا تقرر أن الموقف العملي يتغير بحسب الشخص أو الطائفة أو المكان، فكذلك نجده يتغير من عصر لآخر "

فمادمت تقرر أن طريقة أهل السنة تتغير من عصر إلى آخر بحسب المصلحة فهؤلاء الذين ذممتهم لم يحيدوا عن طريقة السلف، فهم رأوا المصلحة في هذا العصر في تلك الطريقة التي ارتضوها، والتي ذممتها!

ومثل هذا يقال في قول الشيخ السبت في ص 54 من كتابه ذاما بعض أهل هذا الزمان:"أو ماابتلي به أقوام من السعي الحثيث للتقارب مع أهل الأهواء، وإتاحة المجال لهم ليتحدثوا عن عقائدهم وضلالاتهم بإجراء المقابلات معهم عبر القنوات والمجلات وغيرها، ثم مايلبث هؤلاء حتى تصير حالهم إلى لون من المباسطة والمؤاخاة، ولربما لمزوا إخوانهم من أهل السنة لسوء ظنهم بهؤلاء المبتدعة، ونحوا باللائمة عليهم لما بين الفريقين من المباينة. وقد أعان على ذلك التقارب فلسفات تالفة تلقوها عن الكفار فصارت عنايتهم في البحث عن نقاط الاتفاق، ونظرهم متوجه [كذا والصواب: متوجها] إلى ما يجدون مايلتقون به معهم، ويرون أن ذلك من بعد النظر وسعة الأفق، وخلافه ضيق عطن، وإقصاء للآخر، ونظر سوداوي – كما يعبرون – فإلى الله المشتكى مما جره هذا التصور من البلاء، والله المستعان ". أقول: كيف تلومهم وأنت تقرر أن طريقة السلف ومواقفهم تختلف من عصر إلى آخر حسب المصلحة وتقول: "ان الموقف العملي يتغير بحسب الشخص أو الطائفة أو المكان، فكذلك نجده يتغير من عصر لآخر، إذ من الخطأ أن يكون التعامل مع المخالفين في هذا العصر كما لو كانوا في زمن الخلفاء الراشدين أو حتى القرون المفضلة، وليس بخاف أن العلماء – رحمهم الله – يواجهون الانحراف في بداياته مواجهة صارمة، ويغلظون القول في حق أهل الأهواء والبدع، كل ذلك من أجل كبتهم، وإجهاض باطلهم في مهده ..... إلى أن تقول: وهكذا ماورد عن كثير من السلف من التشنيع على أصحاب الرأي والتحذير منهم والنهي عن مجالستهم والرواية عنهم ... ولكن ذلك أيضا لم يلبث أن خفت وصار العلماء يتعاملون معهم بغير ماسبق " (فقه الرد/14)، فمادام الأمر على ماذكرته هنا فلاوجه للومك لبعض أهل زمانك الذين رأوا المصلحة في نوع آخر من المعاملة مع أهل البدع يناسب هذا الزمان فهم في هذا لم يخرجوا عن طريقة السلف المتغيرة في كل زمان ومكان بحسب المصلحة!

والمقصود أن الشيخ السبت ذكر في كتابه أمورا في صورة يفهم منها ما لا يريده هو نفسه وما لا يقصد إليه، إذ يفهم من كلامه بوضوح أنه ليس هناك قاعدة عند العلماء من السلف وأتباعهم في هذه المسائل، وأن كل ما ورد عنهم فهي قضايا فردية قيلت في ظروف معينة، أو مرتبطة بعصر أو حال أو ظرف، وأن ذلك يتغير من عصر إلى آخر، وهذه فوضى كبيرة تترتب عليه مفاسد عظيمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير