تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهما من حديث أبي سعيد قال اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، خرج صبيحة عشرين فخطبنا قال: «إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها ــ أو نسيتها فلتمسوها في العشر الآواخر في الوتر، وإني رأيت أني اسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف معي فليرجع»، فرجعنا وما نرى في السماء قذعه فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل. وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـــ يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته ـ صلى الله عليه وسلم ــ

وللبخاري في حديث عائشة رضى الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الآواخر من رمضان». وله عن بن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوها في العشر الآواخر من رمضان ليلةَ القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى».

وجاء عند مسلم من حديث ابي سعيد الخدري التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة، قال قلت ما التاسعة وما السابعة وما الخامسة، قال إذا مضت واحدة وعشرين فلتي تليها اثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإذا مضى ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة.

ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر في كون ليلة القدر منحصرة في رمضان، وفي العشر الآواخر وفي الآوتار منها فهذه الصور الثلاث ثابته بدلالة السنة عليها، أما الصورة الرابعة وهي القطع بأنها في ليلة بعينها كما زعم صاحب النشرة من كونها ليلة الثلاثاء فالأحاديث لا تدل على ذلك.

وما تقرر هنا هو ما جزم به الحافظ بن حجر في الفتح جـ 4/ 330

وبشي من التحليل لهذه النصوص المتقدمة نجدها تضمنت قرآئن تفيد القطع فيما تقرر.

ـــ وأبرز هذه القرائن (في) الظرفية.

فمن المقرر عند علماء الأصول أن (في) تفيد الظرفية وهي هنا تفيد الظرفية الزمانية، فدل على أن ليلة القدر في رمضان لا في غيره وفي العشر الآواخر منه قطعا.

ـــ القرينة الثانية وهي قرينة لفظية.

الأعداد (السبع) و (العشر) و (الوتر). فهذه قرآئن لفظيه تفيد النصية في الدلالة، فالأعداد من باب النص لا من باب الظاهر، كما هو معلوم في علم الأصول. ولهذا قال العلامة الصنعاني، (أحاديث: أنها في العشر أو السبع أحاديث واسعة، ودلالة اسم العدد نص في معناه). (العدة جـ 3/ 256)

ـــ القرينة الثالثة أن أحاديث تحري ليلة القدر في الأوتار مقيدة لمطلق أحاديث التحري في العشر أو السبع. والقاعدة عند الأصوليين أن المطلق يحمل على المقيد لاسيما إذا اتفقا في الحكم والسبب. وهما هنا متفقان.

ففي الحكم استحباب التماسها وتحريها، والسبب فضلها. وهذا ما يظهر لي من سياق البخاري لحديث عائشة عقب حديث بن عمر وأبي سعيد.

ومثله صنع الحافظ عبد الغني المقدسي في عمدة الأحكام، وتبعه على ذلك شراح العمدة كابن دقيق العيد والصنعاني في حاشيته على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد.

ومما يشهد لبطلان تحديد ليلة القدر بليلة بعينها على وجه القطع واليقين، ما أخرجه البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم. فالتموسوها في التاسعة والسابعو والخامسة.

وقد بوب البخاري بهذا الحديث بقوله، باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس.

والعلماء يقولون فقه البخاري في تراجمه0 وأنت تلاحظ في ترجمة البخاري أمران:

الأول: أنه ترجم للحديث بجملة اسمية مثبته، وهذا يعني أنه يرى أن رفع المعرفة بليلة القدر على وجه القطع والدوام باق لم ينسخ، وأنه لا مطمع لأحد بعد ذلك في القطع بها،

الثاني: أن سياق البخاري للترجمة جاء معللا. يقول الحافظ بن حجر: قوله: (باب رفع معرفة ليلة القدر لتحاحي الناس) أي بسبب تلاحي الناس. (الفتح جـ 4/ 340).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير