تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[20 - 09 - 08, 03:00 ص]ـ

ماذا يحذر المعتكف؟

ترك الخلطة والابتعاد عنها إلا في الصلاة مع الناس وما لا بد منه، وتحقيق معنى الخلوة والاعتكاف، والتقليل من الطعام والشراب والأخذ بقدر الحاجة، بعض المعتكفين - هداهم الله - رأيت موائدهم كأنهم في مناسبة، نقلوا موائد البيت إلى المسجد ولا ينبغي لهم ذلك، بل رأيت بعض الشباب يعتكفون في المساجد وكأنهم في مركز صيفي، وهذا ليس اعتكافًا، وعليك التقليل من النوم وأن يكون بقدر الحاجة، وتقليل الكلام إلا فيما يعنيه، من حكمة الاعتكاف، واعتزال النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو الذي تحتاجه الأمة يعتذر حتى عن أصحابه فلنا فيه قدوة فتترك الكلام إلا قدر الحاجة، وأخيرًا البُعد عن الهزل والضحك ومالا ينفعه.

سؤال في هذا الموضوع: هل تستطيع، يا أخي الكريم، أن تعيش هذه الأيام وأنت معتكف بدون أن ترتكب معصية؟ الجواب: نعم؛ لأنني أقول لك: هل يليق بك أن تعصي الله وأنت في بيته وفي رمضان بل في العشر الأواخر منه وأنت معتكف لايليق بك ذلك.

ثمرات الاعتكاف؟

ثمرات الاعتكاف عظيمة جدًّا، وهنا يأتي السؤال الذي سألته قبل قليل: لماذا نعتكف؟ لماذا ننقطع عن أهلنا ونترك بعض مشاغلنا؟

أحكام الاعتكاف .. ماذا يحل؟ وماذا لا يحل؟ وماذا يبطل الاعتكاف إن لم تكن لها ثمرة فلا قيمة لها؟ أختصر وأقول: ثمرات الاعتكاف أو بعض ثمرات الاعتكاف من أهمها:

أولاً: الإخلاص والتعويد والتربية على الإخلاص؛ لأنك في معتكَفك لا يراك أحد إلا الله جل وعلا، فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأنت في معتكفك تصلي وتصوم وتذكر الله - جل وعلا - وتقرأ القرآن تربِّي نفسك على الإخلاص، وهذا كما تعلمون ركن من أركان كل عمل صالح ((من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)).

ثانيًا: التربية على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة وتعويد النفس على ذلك.

ثالثًا: التربية على العبادة وخاصة قيام الليل وقراءة القرآن والاستغفار والذكر والمناجاة.

رابعًا: تقوية الصلة بالله تعالى واللجوء إليه ومناجاته.

خامسًا: التفكُّر والتعوُّد على الاستخدام الأمثل لنعمة العقل وخاصة في زمن الفتن والمحن.

سادسًا: ابن القيم يقول: (فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له إلا ذاك)، أي: إن الاعتكاف يهيئك لوحدتك في القبر، ومن هذا المعنى أقول: كثير من الناس إذا ابتلي وفرض عليه الانفراد ضعف وانهار، والاعتكاف يعود المسلم على مواجهة الشدائد بل يصبح يتلذذ بذلك، وأعرف أناسًا فرض عليه الانفراد عدة سنوات فلم يهنوا ولم يخضعوا ولم يجبنوا، أسأل الله أن يثبتنا وإياهم، بل حرموا من الأهل والولد فلم يزدهم ذلك إلا قوة وثباتًا، الاعتكاف يعودك على الثبات وهناك أناس عندما فرض عليهم الانفراد وابتلوا عدة أيام ضعفت قواهم وفي هذه الحالة لا يحقق أهدافه التي يسعى إليها، لأن الإنسان مدني بطبعه كما يقول ابن خلدون يحب الناس يحب الخلطة يحب الاجتماع تعود على العيش مع والديه وزوجته وأبنائه وإخوانه وأصدقائه من الشباب وعلى جيرانه، فلما عزل عن الناس لم يستطيع أن يثبت، الاعتكاف يربيك على الثبات، وهو درس عظيم أسأل الله أن يحفظنا وإياكم وأن يجنبنا وإياكم الابتلاء، فالاعتكاف يعودك على هذا الأمر يصبح سهلاً عليك في أي موضع كنت وفي أي حال كنت.

فعود نفسك على قلة الطعام على قلة الأكل على قلة النوم على الانفراد عن الناس لأن غالب من يبتلى يصاب في هذا النوع، الحرمان تحرم من نوع من الطعام الحرمان من النوم أحيانًا الحرمان من الناس الحرمان من فضول الحاجات، الاعتكاف يربي عندك هذه الخصلة على الانفراد على الحرمان من أشياء كثيرة في حياتك لأنك قد تعودت على ذلك إذا اعتكفت الاعتكاف الصحيح.

سابعًا: من ثمرات الاعتكاف مراجعة النفس ومحاسبتها في أمور الدين والدنيا في أمور العبادة وغيرها، وليعوض جوانب التقصير في حياته، وخاصة في أمور العبادة كلنا الآن نشكو من التقصير في العبادة من قراءة القرآن ومن الصلاة وغيرها في الاعتكاف تعوض شيئًا من ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير