تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يتعدَاهُ ولا يَقصرُ عنه.) [28]

وجاء عند الترمذي [29] عن عمرَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم: " لو أنَّكُم كنتم توكَّلون على اللهِ حقَّ توكُّله لَرُزِقْتُم كما يُرزَقُ الطَّيرُ تَغْدُو خِماصًا وَتَرُوحُ بِطانًا). أي تخرج صباحا جائعة ليس في بطونها شيء وترجع في آخر النهار ممتلئة البطون من رزق الله.

4 - التكسبِ بالطرقِ المباحةِ وفعلِ الأسبابِ الصحيحةِ من التبكيرِ لقولِه صلى الله عليه و سلم: "اللَّهُم بَارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها" [30] والانتقالِ في طلبِ الرزقِ في بلدِك أو في بلدٍ إسلامي آخر.

فأما السعادةُ فاعلم يا أخي أنها ليستْ في جمعِ الأموالِ وبناءِ القصورِ والهجرةِ إلى بلادِ الكفارِ فقد يتمكن المرء من كل هذا ولا يحصل السعادة, وإنما سببها الحقيقي في:

أ- الإيمانِ باللهِ وعملِ الصالحاتِ لقولِه تعالى:?مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? [النحل97] قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله تعالى: هذا وعدٌ من اللهِ تعالى لمنْ عملَ صالحًا -وهو العملُ المُتابِعُ لكتابِ اللهِ تعالى وسنةِ نبيه صلى الله عليه و سلم- مِن ذكرٍ أو أنثى من بني آدمَ، وقلبُه مؤمنٌ باللهِ ورسولِه، وإنَّ هذا العملَ المأمورَ به مشروعٌ من عندِ اللهِ: بأنْ يُحْيِيَهُ اللهُ حياةً طيبةً في الدنيا وأنْ يَجْزِيَهُ بأحسنِ ما عملَه في الدارِ الآخرةِ.

والحياةُ الطيبةُ تَشمُلُ وجوهَ الراحةِ من أي جهةٍ كانت. وقد روي عن ابنِ عباسٍ وجماعةٍ أنهم فسرُوها بالرزقِ الحلالِ الطيبِ. وعن عليٍّ رضي الله عنه أنه فسرَها بالقناعةِ, وقالَ عليُ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: أنها السعادةُ, وقال الضحاكُ: هي الرزقُ الحلالُ والعبادةُ في الدنيا، وقالَ أيضا: هي العملُ بالطاعةِ والانشراحُ بها.

والصحيحُ أنَّ الحياةَ الطيبةَ تشملُ هذاكلَّهُ كما جاءَ في الحديثِ الذي رواه الإمامُ أحمدُ [31]: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قالَ:"قدْ أفلحَ منْ أسلمَ ورُزقَ كفافًا، وقَنَّعَهُ اللهُ بما آتاه") [32]

ب- الاستجابةِ للهِ سبحانه ولرسولِه صلى الله عليه و سلم لقولِه تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ? [الأنفال24] قال الإمامُ ابنُ القيمِ رحمه الله تعلى (فأخبرَ سبحانه وتعالى أنَّ حياتَنا إنما هي باستجابتِنا لما يدعونا إليه اللهُ الرسولُ من العلمِ والإيمانِ فعُلِمَ أنَّ موتَ القلبِ وهلاكَه بفَقْدِ ذلك, وشبّه سبحانه مَن لا يستجيبُ لرسولهِ بأصحابِ القبورِ وهذا من أحسنِ التشبيهِ فإنَّ أبدانَهم قبورٌ لقلوبِهم فقدْ ماتتْ قلوبُهم وقُبِرَتْ في أبدانِهم فقالَ اللهُ تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ? [فاطر22] ولقد أحسن القائلُ:

وفي الجهلِ قبلَ الموتِ موتٌ لأهلِهِ ... وأجسامُهم قبلَ القبورِ قبورُ

وأرواحُهم في وحشةٍ من جسومِهم ... وليس لهم حتَّى النشورِ نشورُ) [33]

سبحانكَ اللَّهُمَ وبِحمدكَ أشهدُ أنْ لاإله إلا أنتَ أستغفرُكَ و أتوبُ إليك.


[1]- رواه مسلم برقم 55
[2]- رواه البخاري برقم 57 ومسلم برقم 56
[3]- تفسير سورة البقرة المجلد الثاني ص 389 دار ابن الجوزي
[4]- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 177 دار ابن الجوزي
[5]- مجالس التذكير عند تفسير هذه الآية دار الكتب العلمية ص67 -
[6]- رواه الإمام أحمد في المسند برقم 27524وحسنه الشيخ الألباني فس الصحيحة رقم 675
[7]- مجالس التذكير ص69
[8]- أخرجه أبو داود برقم 2530 وقال الشيخ الألباني صحيح
[9]- رواه البخاري 3004 ومسلم 6668
[10]- أخرجه أبو داود برقم 2528 صححه الشيخ الألباني
[11]- اِجْتَمَعَ مَعَهُ وَوَافَقَهُ انظر عون المعبود جزء 6 ص 242
[12]- أخرجه أبو داود (2787) وصححه الألباني.
[13]- رواه أبو داود 2645 والترمذي 1604 وقال الألباني صحيح.
[14]- في أول كتاب التجارة إلى أرض الحرب من مقدماته.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير