تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 09, 12:03 م]ـ

أخي الكريم فريد .. بارك الله فيك

قال أبو عمر ابن عبد البر (التمهيد): "احتج من كره أكل الغراب وغيره من الطير التي تأكل الجيف، ومن كره أكل هوام الأرض أيضا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنه أمر بقتل الغراب والحدأة والعقرب والحية والفأرة، قال وكل ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فلا يجوز أكله، هذا قول الشافعي وأبي ثور وداود؛

وهذا باب اختلف العلماء فيه قديما وحديثا؛ فأما اختلافهم في ذوي الأنياب من السباع فقد مضى القول في ذلك مستوعبا في باب إسماعيل بن أبي حكيم من كتابنا هذا؛ وأما اختلافهم في أكل ذي المخلب من الطير فقال مالك: لا بأس بأكل سباع الطير كلها الرخم والنسور والعقبان وغيرها ما أكل الجيف منها وما لم يأكل، قال: ولا بأس بأكل لحوم الدجاج الجلالة وكل ما تأكل الجيف، وهو قول الليث بن سعد ويحيى بن سعيد [الأنصاري] وربيعة وأبي الزناد، قال مالك: ولا تؤكل [كراهةً] سباع الوحش كلها ولا الهر الوحشي ولا الأهلي ولا الثعلب والضبع ولا شيء من السباع، وقال الأوزاعي: الطير كله حلال إلا أنهم يكرهون الرخم؛

وحجة مالك في هذا الباب أنه ذكر أنه لم ير أحدا من أهل العلم يكره أكل سباع الطير، وأنكر الحديث عن النبي عليه السلام أنه نهى عن أكل ذي المخلب من الطير؛

وقال مالك: لا بأس بأكل الحية إذا ذكيت، وهو قول ابن أبي ليلى والأوزاعي إلا أنهما لم يشترطا فيها الذكاة، وقال ابن القاسم عن مالك: لا بأس بأكل الضفدع، قال ابن القاسم: ولا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها في قول مالك؛ لأنه قال موته في الماء لا يفسده ....

ومما يحتج به لقول مالك ومن تابعه في ذلك حديث ملقام بن التلب [مستور] عن أبيه قال: "صحبت النبي عليه السلام فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما ويحتج كذلك أيضا بقول ابن عباس وأبي الدرداء: ما أحل الله فهو حلال وما حرم الله فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو ... ". اهـ

وقال الشوكاني - بعد سرده لمجمل الأدلة (نيل الأوطار): "والحاصل أن الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة المذكورة في أول الكتاب وغيرها قد دلت على أن الأصل الحل، وأن التحريم لا يثبت إلا إذا ثبت الناقل عن الأصل المعلوم وهو أحد الأمور المذكورة، فما لم يرد فيه ناقل صحيح فالحكم بحله هو الحق كائنًا ما كان، وكذلك إذا حصل التردد فالمتوجه الحكم بالحل لأن الناقل غير موجود مع التردد، ومما يؤيد أصالة الحل بالأدلة الخاصة استصحاب البراءة الأصلية ". اهـ

وقال القرافي (الذخيرة): "ذكاة الحيّات لا يُحكِمها إلا طبيب ماهر، وصِفتها أن يمسك برأسها وذنبها من غير عنق وهي على مسمار مضروب في لوح، يضرب [الطبيب] بآلة حادة رزينة عليها - وهي ممدودة على الخشبة - في حدِّ الرقيقِ من رقبتها وذنبها من الغليظ الذي هو وسطها، ويقطع جميع ذلك [رأسها وذنبها] في فور واحد بضربة واحدة، فمتى بقيت جلدة يسيرة فسدت وقُتلت بواسطة جريان السم من رأسها في جسمها بسبب عصبها أو ما هو قريب من السم من ذنبها في جسمها". اهـ

ملاحظة: المالكية يرون أكل الحية - بشرط التذكية المذكورة - للحاجة كالتداوي، فليُنتبه.

أما من قال بأنها من الخبائث فيرد عليه بأنه لوحظ فيها الخبث من جهة سمّها، وهو نفسه الخبث الملحوظ في الأنعام من جهة دمها، وزواله يكون بالتذكية، فليُعلم.

وكذلك، قوله: "يحرم عليهم الخبائث" يعني التي حرّمت بالنص؛ لأن العرب تسمي البصل والثوم والكرّاث خبائث وليست حراما إجماعا إلا قولا شاذا، وجاء في الحديث: "من أكل هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا".

أما الأمر بقتلها هي والأصناف الخمسة أو الستة أو التسعة المذكورة في الحديث وتسميته لها بالفاسقة فهو بجامع إذايتها، لا بحرمة أكلها كقول الشافعي، فليُحرر.

ودليل ذلك: ذِكر الغراب معها وهو مما يحل أكله كما ذكر مالك: أنه لم ير أحدا من أهل العلم من يكره أكل سباع الطير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير