تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه وجهة الفريقين في هذه المسألة، وعندما نريد الترجيح، أقول: إن الخلاف في هذه المسألة لا يرجع إلى الخلاف في أصلها، وهو حكم التصوير فجميع العلماء متفقون على تحريم التصوير، بل على أنه من كبائر الذنوب، لكن الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى تحقيق المناط، إلى تحقيق مناط المسألة، هل التصوير الآلي سواء كان فوتوغرافيا أو تليفزيونيا، هل هو داخل في التصوير المحرم شرعا؟ أو أنه غير داخل وإن سمي تصويرا في عرف الناس إلا أنه ليس تصويرا بالمعنى الشرعي؟ وجميع العلماء متفقون على أن تسمية الأشياء بغير حقيقتها لا تغير من الحكم شيئا فالعبرة بالحقيقة وليست بالأسماء؟

وحينئذ إذا أردنا أن نرجح في هذه المسألة وننظر إلى، فلا بد من النظر ليس إلى مسمى هذا العمل، وإنما إلى حقيقته، لا بد من النظر إلى حقيقة التصوير، وذلك بالنظر إلى العلة التي لأجلها حرم التصوير، فما هي العلة التي لأجلها حرم التصوير؟ ثم ننظر في مدى انطباق هذه العلة على هذا النوع من التصوير.

هناك علة منصوص عليها وتكاد تكون محل اتفاق بين العلماء، وهي المضاهاة بخلق الله، وقد جاء منصوصا عليها في حديث عائشة -رضي الله عنها -: , إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله - متفق عليه، وفي حديث أبي هريرة: , ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة - متفق عليه، فإذا العلة المنصوص عليها هي علة المضاهاة، يعني المحاكاة والمشابهة لخلق الله، هناك علة هي محل خلاف، وهي أن التصوير وسيلة للغلو في الصور، وربما جر ذلك إلى عبادتها وإلى تعظيمها من دون الله، لا سيما إذا كانت لمن يحبهم الناس ويعظمونهم، ممن جمع بين العلم والديانة أو نحو ذلك.

ولهذا كان شرك قوم نوح، وهو أول شرك وقع في بني آدم، كان بسبب الصور، لكن ما هي الصور التي وردت في قصة قوم نوح؟

جاء عن ابن عباس، في تفسير ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا أنها أصنام قوم نوح، أن هذه الأصنام التي هي أصنام قوم نوح، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصابا، لاحظ أنها أنصاب وسموهم بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت، نسخ العلم النسخ: هو تبديل الشيء بغيره، والمراد هنا تبديل علم سبب نصب هذه الصور من تذكر أحوالهم إلى عبادتهم، فظنت الأجيال التي أتت بعدهم أنهم إنما نصبوا هذه الأنصاب لأجل عبادتها فعبدوها من دون الله.

لكن لاحظ هنا أن الذي ذكر في حديث ابن عباس أنهم نصبوا أنصابا، والأنصاب: هي جمع نصب وهو ما ينصب من عصا أو حجر أو غيرها، فهي مجرد أحجار منصوبة فقط، فليست صورا على المعنى المعروف، هي مجرد أحجار منصوبة، ومنه قول الله -عز وجل: â $pk??r'¯»t? tûïÏ%©!$# (#þqãYtB#uä $yJ¯RÎ) ã?ôJs?ø:$# ç?Å£ø?yJø9$#ur Ü>$

ÁRF{$#ur ãN»s9ø?F{$#ur Ó§ô_Í? ô`ÏiB È@yJtã Ç`»sÜø?¤±9$# çnqç7Ï^tGô_$$sù öNä3ª=yès9 tbqßsÎ=øÿè? ÇÒÉÈ á ([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3)) قال ابن عباس ومجاهد وعطاء: الأنصاب هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها.

فإذا الأنصاب التي نصبت لأولئك الصالحين ليست صورا بالمعنى الشرعي، ولكنها حجارة، وسميت هذه الحجارة باسم فلان وهذه باسم فلان وهذه باسم فلان، حتى إذا انقرض هذا الجيل وأتى جيل بعده، لم يعرفوا السبب الذي لأجله نصبت هذه الحجارة، فظنوا أنهم عبدوها، ظنوا أنهم كانوا يعبدونها من دون الله فوقعت عبادة الأصنام من دون الله تعالى، وحينئذ نقول: إن هذه العلة يعني ليست علة ظاهرة للتصوير، لماذا؟ لأن كل ما يؤدي إلى الغلو يكون محرما وإن كان ليس تصويرا، كل ما أدى إلى الغلو والتعظيم من دون الله يكون ممنوعا وإن لم يكن تصويرا، ولذلك فإن العلة المنصوص عليها هي علة المضاهاة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير