و قد ورد عن السّلف صفات متعدّدة، و المنقول عن أكثرهم أنّهم كانوا يقولون: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد. و عن بعضهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، و لله الحمد، و عن بعضهم: الله أكبر كبيراً، و الحمد لله كثيراً، و سبحان الله بكرة وأصيلاً.
و بالإضافة إلى التّكبير المطلق الّذي يبتدئ مِن أوّل ذي الحجة إلى غروب الشّمس مِن اليوم الثّالث عشر، فإنّه يُشرع كذلك التّكبير المقيَّد بأدبار الصّلوات بعد السّلام، و هو يبتدئ بالنّسبة لغير الحجّاج مِن فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. و بالنّسبة للحجّاج مِن صلاة الظّهر يوم النّحر إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. و هذا هو أصحّ الأقوال الّذي عليه جمهور السّلف و الفقهاء قديماً وحديثاً.
و ظاهر النّصوص أنّ التّكبير المقيّد شامل للمقيم و المسافر، و الجماعة و المنفرد، و الصّلاة المفروضة و النّافلة. و المسبوق ببعض الصّلاة يكبّر إذا فرغ من قضاء ما فاته؛ لأنّ التّكبير ذِكر مشروع بعد السّلام" (37).
عاشرا/ الدّعاء:
الدّعاء هو مخّ العبادة، مَن وُفّق إلى دعاء اللّه وحده فقد بُلّغ منزلة عظيمة و وُفِّق إلى خير كثير، فكيف إذا وافق دعاء العبد ربَّه هذه الأيّام المباركة و هو مجتهد صائم؛ لا شكّ أنّه سيُفتَح له باب أسباب إجابة دعائه على مصراعيه.
بل كيف إذا وافق دعاؤه يوم عرفة و ما أدراك ما دعاء يوم عرفة؛ عن عبد اللّه بن عمر –رضي اللّه عنهما- أنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قال: ((خير الدّعاء دعاء يوم عرفة)) (38)، قال ابن عبد البر معلِّقا على هذا الحديث: "و فيه مِن الفقه أنّ دعاء يوم عرفة أفضل مِن غيره، و في ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، ... و في الحديث أيضًا دليل على أنّ دعاء يوم عرفة مُجاب كلّه في الأغلب" (39). فلْيحرص المسلم على الإكثار مِن الدّعاء لاسيما سؤاله ربَّه سبحانه أنْ يعتقه مِن النّار؛ فقد قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم في حديث سبق ذِكره: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ)).
حادي عشر/ قيام اللّيل:
لا شكّ أنّ قيام اللّيل عبادة عظيمة جليلة، يكفي عن وصف عظمة شأنها و جلالة قدرها قوله تعالى في أهل القيام: [[أَمّنْ هُوَ قَانِتٌ أَنَاءَ اللّيْلِ سَاجِداً وَ قَائِماً يَحْذَرُ الاَخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنّمَا يَتَذَكّرُ أُولُو الألْبَابِ]] (40)، و مع دخول القيّام في عموم العمل الصّالح كما ذكرتُ في شأن بعض العبادات، فقد ذُكر عن بعض العلماء تنصيصهم على استحباب قيام ليالي العشر الأوائل مِن ذي الحجّة، مِنهم الإمام الشّافعي و غيره، و قال سعيد بن جبير كما في لطائف المعارف: " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" (41).
ثاني عشر/ التّضحية:
الأضحية سنّة سنّها لنا أبونا إبراهيم عليه الصّلاة و السّلام حين فدى الله ولده بذِبح عظيم، و هي مِن خير القربات في هذه الأيّام؛ يُغنينا اشتهارها لدى النّاس علما و عملا عن سرد النّصوص حولها، حتّى إنّ مِن العلماء مَن قال بأنّها واجبة على الموسِر، و الجمهور منهم على أنّها سنّة مؤكّدة.
فينبغي على المستطيع الحِرص على هذه السنّة مع تعلّم آدابها و أحكامها.
و لا يحزَنَنّ مَن لم يستطع شراء أضحية لحاجته أو فقره، إذ يكفيه شرفا و أجرا أنْ ضحّى عنه خير البرية صلّى اللّه عليه و سلّم؛ فعن عائشة و أبي هريرة -رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ((كان إذا أراد أنْ يُضحّي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوأين، فذَبَح أحدهما عن أمّته لِمن شهد بالتّوحيد و شهد له بالبلاغ، و ذَبَح الآخر عن محمّد و عن آل محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم)) (42).
ثالث عشر/ عدم أخذ شيء مِن الشَّعر و الظِّفر بالنّسبة للمضحّي:
قال نبيّنا صلى الله عليه و سلم: ((مَن كان له ذبح يذبحه، فإذا أهلّ هلال ذي الحجة، فلا يأخُذنّ من شَعره و لا مِن أظفاره شيئاً حتى يُضحّي)) (43). و في حديث آخر: ((فليُمسك عن شعره و أظافره حتى يضحّي)).
¥