وكذلك أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صوم يوم التاسع من محرم حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع)) [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2)
وتكون المخالفة في حكمه:
وذلك إذا كان هذا الفعل قد شرعه الله -عز وجل- لنا، وهم أيضاً يفعلونه وقد استوت فيه الصورة الظاهرة فنختلف معهم ونفترق في الحكم، فمثلاً: القيام للجنازة، إذا مُرّ بجنازة محمولة فإننا نقوم عندئذٍ -على خلاف في هذه المسألة بين الفقهاء -رحمهم الله- هل هذا منسوخ أو ليس منسوخاً- فطائفة من أهل العلم يقولون: القيام ليس بمنسوخ، ولكنه مستحب ولا يجب، أما عند اليهود فإنه يجب عليهم.
فمن هنا نلاحظ أن الفعل واحد في الصورة الظاهرة، فنحن نقوم وهم يقومون، ولكننا نختلف معهم في الحكم، هم يقومون وجوباً في اعتقادهم، ونحن نقوم استحباباً.
القاعدة الخامسة:
"كل ما يعمله المسلم من تشبه بالكفار أو ما يفضي إلى التشبه فإنه لا يُعان عليه بأي لون من الإعانة"
لأن الله -عز وجل- يقول: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة] ": فإذا كان هذا المسلم -مثلاً- يريد أن يشارك المشركين في عيد الميلاد، أو هذه المرأة أرادت أن تلبس لباساً هو من خصائص الكفار العادية، أو من خصائصهم الدينية، فإنها لا تُعان على ذلك، فلا يجوز للخياط أن يفصل لها هذا الثوب، ولا يجوز للبائع أن يبيعها هذا الثوب.
إذا جاء من يشتري هذه الكعكة ليشارك اليهود أو النصارى في عيد من أعيادهم، فإنه لا يجوز للمسلم أن يبيعه ذلك، ولا يجوز له أن يعينه على هذه المشاركة بحال من الأحوال.
القاعدة السادسة:
"الأمر بمخالفة الكفار إما أن تكون مقصودة لذاتها، وإما لما يتضمن ذلك من المفسدة أو في تركه المصلحة"
فما كان مقصوداً لذاته، يعني أنه قُصد فيه فقط المخالفة، فإن هذا لا يجب على المسلم أن يفعله،
ومثال ذلك:
صبغ الشيب وتغيير لون الشيب بالحناء والصفرة، والكتم وما إلى ذلك -أي بغير السواد- فهذا أمرٌ مطلوب شرعاً، ولكنه لا يجب علينا.
وهل هو مطلوب لذاته أو أنه مطلوب من أجل مخالفة المشركين؟
هو مطلوب من أجل مخالفة المشركين فقط، وإلا فليس فيه مصلحة خاصة، لو تجرد من مخالفة المشركين، فعندئذٍ لا يجب علينا أن نصبغ هذا الشيب، وأن نغيره، ولكنه يستحب ويحسن ويجمل بالمسلم أن يفعله.
كما أن الحكم قد يتغير بتغير الزمان:
مثال ذلك:
في بعض الفترات كان أهل الذمة يلزمون بالعمائم الزرقاء، وفي ذلك الوقت لا يجوز للمسلم أن يلبس عمامة زرقاء؛ لأنه يكون متشبهاً بأهل الذمة، وأما في هذا العصر، فإن أهل الذمة لا يلبسون العمائم أصلاً فضلاً عن العمائم الزرقاء،
فهل يحرم على المسلم – الآن- أن يلبس عمامة زرقاء؟
الجواب: لا، لأن المخالفة قد انتفت.
لكن الشيء قد ينهى عنه للمخالفة ولما في فعله من تحقيق مصلحةٍ مطلوبة شرعاً،
مثال ذلك:
إعفاء اللحية، فلا شك أن إعفاءها مطلوب؛ لأنها من سنن الفطرة، وكما أن في تركها مخالفة للمجوس، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإعفائها وبحف الشوارب، وكل ذلك من أجل مخالفة المشركين، أو من أجل مخالفة المجوس،
فلو صار المجوس يعفون لحاهم في وقت من الأوقات فهل يُقال للمسلمين: إن ذلك قد لا يطلب فيه إعفاء اللحية؟
الجواب: لا، لأن إعفاء اللحية مقصود ومطلوب للشارع، وبهذا نُفرق بين ما كان المقصود فيه هو مجرد المخالفة، وبين ما كان مطلوباً ومقصوداً للشارع، وإن تجرد من المخالفة.
وهنا أمر يحسن التنبيه عليه؛ حيث يسأل الناس عنه ويلتبس على كثير منهم، وهو أنه ينبغي أن نفرق بين ما اتخذ على سبيل الأزياء، وبين ما فُعل عرضاً للحاجة،
مثال ذلك:
¥