فكم هرب المتعالج من الوضوء أمام الناس!! وكم مرة هرب من الصلاة في المسجد، أو هربت المرأة من الصلاة أمام أهلها وأخواتها!!
وكم مرة هرب فيها المتعالج من الزيارات العائلية أو رفض الخروج من المنزل قبل صلاة العشاء حتى لا تدركه الصلاة في مكان بعيد عن بيته!!
وكم هي المرات التي هرب المتعالج فيها من الدخول إلى دورات المياه العامة!! بل قد يهرب من جميع دورات المياه إلا من واحدة اختص بها لنفسه ومنع منها غيره!!
بل قد يصل الأمر بالمتعالج أن يختصر دخول دورات المياه وسوسة!! مما يعود عليه بالضرر مرتين! ضرر صحي وضرر في تأخر الشفاء.
هذه أمثلة فقط وإلا فالمواقف التي يهرب منها المتعالج كثيرة جدا!! والمشكلة أن المتعالج يظن بهروبه هذا أنه حقق شيئا ذا بال!! وما علم المسكين أنه يضر نفسه بنفسه!!
وأن هروبه هذا يؤجل الشفاء فترة أطول فلو استمر في هروبه عشرين سنة فمعنى ذلك أنه يؤخر الشفاء عشرين سنة أيضا ولا يمكن أن يأتي الشفاء دون مواجهة!! فالمواجهة حتمية مهما طال الزمن فلماذا يتأخر المتعالج بتطبيق هذا الركن المهم وهو ركن (المواجهة وعدم الهرب)!!
والغريب في هذا الأمر أن الوسواس يسهل للمتعالج سياسة الهرب من المواجهة!!
مثال يوضح ذلك: لو دخل المتعالج المسجد، فأراد أن يصلي في جهة اليسار من الصف.
فقد يأتي الشيطان للمتعالج ويحاول صرفه عن هذا الأمر ويلح عليه بأن يصلي في جهة اليمين ويبدأ بسرد الأدلة في بيان أفضلية اليمين!
وهنا يبدأ المتعالج بالتوتر ويجد نفسه مضطرة للذهاب إلى جهة اليمين بل ويحس أحيانا بسهولة الذهاب لليمين وصعوبة الصلاة في جهة اليسار!!
ولهذا يجب على المتعالج أن يتفطن لهذه الحيلة الشيطانية ولا يغتر بسهولة الأمر عند الهرب من المواجهة وتخفيف الضغط عليه من قبل الوسواس!!
لأن الشيطان إنما يريد بهذا التسهيل سلب سلاحك الفعال في مقاومة الوسواس وهو (المواجهة) وإبداله بهذا السلاح الضعيف (الهرب من المواجهة) والذي سيكون مع الوقت وبالا عليك ويتحول من سلاح ضعيف أمام الوسواس إلى خنجر مسموم يقضي على جميع الإنجازات التي حققتها بفضل الله ثم بفضل هذا العلاج الذي بين يديك
فاحذر أن تستبدل سياسة المواجهة الفعالة بسياسة الهرب الفاشلة!
وسياسة المواجهة تحتاج إلى عزيمة وإصرار، وقد بذلتُ الكثير من الوقت والجهد لكي أخرج بطريقة فعالة تكون معينة بعد الله تعالى في تطبيق (ركن المواجهة) وها هي الطريقة الفعالة بإذن الله:
استخدام قاعدة
(ابدأ، استمر، أكمل)
وهذه القاعدة هي الطريقة الفعالة بإذن الله تعالى لتطبيق هذه السياسة:
فلو أردت الوضوء مثلا فبدأ الشيطان بتخويفك وإرهابك فهنا إياك من الانسحاب بل طبق هذه القاعدة بسرعة وابدأ الوضوء مباشرة وقل:
(بسم الله).
ثم تمضمض واستنشق وهكذا حتى تنهي الوضوء، فإن ضغط عليك الوسواس لكي تقطع الوضوء فاستمر فيه ولا تبالي بالوسواس فإن استمر الضغط الوسواسي عليك فأكمل الوضوء حتى النهاية وإياك ثم إياك من الانسحاب.
وبهذا تكون قد أنهيت الوضوء كاملا بعد تطبيقك هذه القاعدة (ابدأ، استمر، أكمل)، ثم اذهب إلى الصلاة فإن جاءك الوسواس يخوفك منها فطبق القاعدة مرة أخرى وابدأ مباشرة في الصلاة وكبر، فإن ضغط عليك الوسواس فاستمر في الصلاة ولا تبالي بهذه الوساوس فإن استمر الضغط ولم يذهب فأكمل الصلاة حتى النهاية وإياك ثم إياك من الانسحاب وقطع الصلاة!
ولعلمك فالوضوء صحيح والصلاة صحيحة بفضل الله حتى لو نويت قطع الوضوء أو الصلاة فاستمر فيهما وصلاتك ووضوؤك صحيحان كما أفتاني بذلك أحد العلماء الأجلاء.
الركن الثالث
الثبات والصمود
والمقصود بالصمود والثبات أمران:
أولا: هو صمود المتعالج على تجاهل الفكرة الوسواسية وعدم تنفيذها أو التفكير بها.
ثانيا: استمرار المتعالج بالعبادة وعدم قطعها مهما واجه من أفكار!
وذلك بأن يستمر بالصلاة والوضوء والغسل وغيرها من العبادات ولا يقطعها أبدا.
والصمود والثبات غالبا ما يكون بعد التجاهل وبعد المواجهة.
وهذا الركن هو أهم أركان العلاج لأن جميع الأركان تستند عليه فلو فشل الإنسان في الصمود فقطعا سيفشل بركن المواجهة وركن التجاهل أيضا!!
لأنه لا يمكن أن يكون هناك تجاهل ومواجهة فعالة مع عدم الثبات والصمود!!
فلو أحس المتعالج بخروج قطرات بول منه ولكنه تجاهل الفكرة ولم يفكر في الأمر ولكن الوسواس بدأ يضغط عليه ويشتد و المتعالج لا يلتفت لذلك ولكنه بعد اشتداد الوسواس فشل في الصمود والثبات وغير ملابسه!!
فما رأيكم الآن؟!
هل المتعالج فشل في الصمود فقط أم أنه فشل في ركنين كاملين من أركان العلاج وهما الصمود والتجاهل!!
بالتأكيد هو فشل في الأمرين معا لأن التجاهل السابق لا فائدة منه بعد أن فشل في الصمود فيه.
مثال آخر: نفرض أن المتعالج أراد الصلاة في المسجد فضغط عليه الوسواس واشتد كثيرا!! ولكنه طبق سياسة المواجهة وذهب للمسجد وعندما دخل في الصف كبر للصلاة ولكن الوسواس اشتد أكثر وأكثر!! ففشل المتعالج في الصمود وقطع الصلاة!!
فما رأيكم الآن؟؟! هل فشل في الصمود فقط أم أنه فشل في الصمود وكذلك في المواجهة أيضا؟!
بالطبع هو فشل في الأمرين معا لأن المواجهة لا فائدة منها بعد أن فشل في الصمود.
ولهذا قلنا بداية أن ((ركن الصمود)) هو أهم أركان العلاج لأن جميع الأركان تستند عليه فلو فشل الإنسان في الصمود فقطعا سيفشل بركن المواجهة وركن التجاهل أيضا!!
ولكي يستطيع المتعالج أن يصمد أمام الأفكار يجب عليه أن يتذكر دائما أن النصر لمن يصبر في اللحظات الأخيرة فربما يصمد الإنسان مدة من الزمن ولم يتبقى سوى ثواني أو دقائق معدودة وينهار الوسواس ولكن المتعالج للأسف يكون هو السابق في الانهيار دائما!
ومن الأمور المساعدة على الثبات تذكر قاعدة (استمر – أكمل) وذلك بان يستمر في الصمود ولا يستسلم وإن اشتد عليه الوسواس يستمر بالصمود حتى يكمل العبادة التي هو فيها.
أو يستمر في الصمود حتى تتلاشى الفكرة الملحة نهائيا.
¥