تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك من جهة المتن: أن حديث: ((من كان له إمام فقراءة ... ) قوله: ((قراءة الإمام له قراءة)) فسرها حديث ثانٍ وهو قوله -?-: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)): فدل على أن النبي-?- كان يريد القراءة بعد فاتحة الكتاب.

وتوضيح ذلك: أنك إذا كنت وراء الإمام فقرأ بفاتحة الكتاب، ثم قرأ سورة وراءها - خاصةً في الجهرية - فإنه يقتصر المأموم على قراءة الفاتحة وينصت للقراءة التي بعد الفاتحة، وهذا التخصيص فيه جمع بين النصوص، والقاعدة في الأصول: " أن الجمع بين النصوص أولى من العمل ببعضها وترك البعض ".

وهناك مسلك يقول: إن هذا الحديث متأخر عن حديث: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)) وليس هناك دليل صحيح يدل على ثبوت تاريخ هذا تأخرًا عن تاريخ الذي قبله، وادعاء النسخ - كما هو مقرّر في الأصول - ليس بحجة، النسخ لا يثبت بالاحتمال، فلو قال أحد: إن هذا الحديث متأخّر عن الحديث الذي قبله لا يقبل حتى يبيّن الدليل على تأخّره، وأنه قد وقع بعده لكي يكون ناسخاً.

كما احتجوا بوقوع النسخ بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لما نهاهم عن القراءة مع الإِمام قال: فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهرُ فيه النبي صلى الله عليه وسلم» وهو مدرج من قول الزهري كما في رواية أحمد (2/ 240) وغيره، واتفق علي هذا البخاري في "تاريخه" وأبو داود، ويعقوب بن يوسف والذهلي والخطابي وغيرهم، وقال النووي: هذا مما لا خلاف فيه بينهم.

قال الشيخ كمال بن السيد سالم: وأما ما ادَّعوه من أن حديث أبي هريرة ناسخ لأحاديث الأمر بالقراءة، فقد ادعي الحازمي في "الإعتبار" (ص/72 - 75) عكسه، فجعل أحاديث الوجوب ناسخة لأحاديث النهي، والحق أنه لا دليل علي هذا أو ذاك، فوجب الرجوع إلي قواعد الجمع أو الترجيح.

ومما احتج به القائلون بعدم ركنية الفاتحة:

1 - أن القراءة إذا كان الإِنسان يستمع لها قراءة له حُكماً، بدليل: أنه يُسَنُّ للمستمع المنصت إذا سَجَدَ القارئ أن يسجدَ معه، وهذا دليل على أنه كالتالي حكماً.

فالمنصت المتابع للقارئ له حُكمه؛ لقوله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام:) قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا) (يونس: من الآية89)) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:88) والدَّاعي موسى وحده لقوله:) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:88). فالدَّاعي موسى، وهارون كان يؤمِّنُ، وجعلهما الله داعيين. إذاً؛ فالمنصت للقراءة قارئ حكماً.

2 - أنَّه لا فائدة مِن جهر الإمام بالقراءة إذا لم تَسقطْ عن المأموم، وكيف يقرأ وإمامُه قد قرأ؟ ثم كيف يقرأ وإمامُه يَجهرُ بالقراءة؟ فهذا عَبَثٌ من الحكم؛ لأنه إذا قلنا لإِمام: اُقرأ بعد الفاتحة، ثم قرأ المأمومُ الفاتحةَ صار جَهْرُ الإِمام فيما يقرأ فيه لغواً لا فائدة منه.

نجيب عنها: القول بأن قراءة الإِمام إذا كان المأموم يستمع لها قراءة للمأموم؛ فنعم نحن نقول بذلك، لكن فيما عدا الفاتحة؛ ولهذا يعتبر المأموم الذي يستمع إلى قراءة ما بعد الفاتحة قارئاً لها، لكن وَرَدَ في قراءة الفاتحة نصٌّ.

وأما قولهم: إنَّه لا فائدة مِن جَهْرِ الإِمام إذا ألزمنا المأموم بالقراءة، فنقول: هذا قياس في مقابلة النصِّ، والقياس في مقابلة النصِّ مُطَّرَح.

ثم لا يُحتج علينا بأن القول بعدم ركنية الفاتحة هو الصحيح لذهاب عليّ بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين؛ إذ أن الحجّة في السنة، ثم لقد ذهب جمعٌ آخر من الصحابة إلي عكس ذلك، وليس قول بعضهم بحجة علي الآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير