وعند رمي الجمار، المشروع هناك هو الذكر والدعاء، وقد تنازع العلماء في القراءة في الطواف، هل تكره أم لا تكره؟ على قولين مشهورين.
والنوع الثاني: أن يكون العبد عاجزا عن العمل الأفضل، إما عاجزا عن أصله كمن لا يحفظ القرآن ولا يستطيع حفظه، كالأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أو عاجزا عن فعله على وجه الكمال، مع قدرته على فعل المفضول على وجه الكمال، ومن هنا قال من قال: إن الذكر أفضل من القرآن، فإن الواحد من هؤلاء قد يخبر عن حاله، وأكثر السالكين بل العارفين منهم إنما يخبر أحدهم عما ذاقه ووجده، لا يذكر أمرا عاما للخلق، إذ المعرفة تقتضي أمورا معينة جزئية، والعلم يتناول أمرا عاما كليا، فالواحد من هؤلاء يجد في الذكر من اجتماع قلبه وقوة إيمانه، واندفاع الوسواس عنه، ومزيد السكينة والنور والهدى، ما لا يجده في قراءة القرآن، بل إذا قرأ القرآن لا يفهمه، أو لا يحضر قلبه وفهمه، ويلعب عليه الوسواس والفكر، كما أن من الناس من يجتمع قلبه في قراءة القرآن وفهمه وتدبره ما لا يجتمع في الصلاة، بل يكون في الصلاة بخلاف ذلك، وليس كل ما كان أفضل يشرع لكل أحد، بل كل واحد يشرع له أن يفعل ما هو أفضل له، فمن الناس من تكون الصدقة أفضل له من الصيام، وبالعكس وإن كان جنس الصدقة أفضل، ومن الناس من يكون الحج أفضل له من الجهاد كالنساء، وكمن يعجز عن الجهاد، وإن كان جنس الجهاد أفضل، قال النبي: ((الحج جهاد كل ضعيف))، ونظائر هذا متعددة.
إذا عرف هذان الأصلان عرف بهما جواب هذه المسائل، إذا عرف هذا فيقال: الأذكار المشروعة في أوقات معينة، مثل ما يقال عند جواب المؤذن، هو أفضل من القراءة في تلك الحال، وكذلك ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال عند الصباح والمساء، وإتيان المضجع، هو مقدم على غيره، وأما إذا قام من الليل فالقراءة له أفضل إن أطاقها، وإلا فليعمل ما يطيق، والصلاة أفضل منهما، ولهذا نقلهم عند نسخ وجوب قيام الليل إلى القراءة، فقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى? مِن ثُلُثَىِ ?لَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مّنَ ?لَّذِينَ مَعَكَ وَ?للَّهُ يُقَدّرُ ?لَّيْلَ وَ?لنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَ?قْرَءواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ?لْقُرْءانِ} [المدثر:20] الآية، والله أعلم"جموع الفتاوى (23/ 56 - 60).
ـ[أم ديالى]ــــــــ[08 - 04 - 09, 04:43 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[إبن محيبس]ــــــــ[08 - 04 - 09, 07:41 ص]ـ
قد حثّ الله على ذكره في جميع الأوقات وبجميع الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة وكذلك ما لم يرد مما أراد المسلم أن يدعو به
فلو أراد رجل أن يقرأ كل يوم بعد صلاة العصر مثلا سورة التوبة من غير أن يعتقد أن قراءتها في هذا الوقت بخصوصه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه واظب على ذلك لأن الشرع أمر بقراءة القرآن ولأنه يجد لقراءته لها في هذا الوقت من النفع خيرا كثيرا، فهل يقال إنه أتى ببدعة وأمر مشروع؟ ّ
ما أظن أحدا يقول بذلك
فما فعله شيخ الإسلام هو من هذا الباب سواء بقراءته لسورة الفاتحة أو قول (يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت) بين سنة وصلاة الفجر وأنها تحيي القلب
مع أن قراءته للفاتحة هي حادثة عين لعله صودف ذلك اليوم أنه يقرؤها كذلك
ومثل هذا الرقى التي ذكرها أهل العلم في كتبهم كالتي ذكرها إبن القيم في الطب النبوي وما كان يكتبه شيخ الإسلام على النازف (يا أرض إبلعي ماءك) الآية
فإن هذا لم يرد بخصوصه في السنة لكنه داخل تحت عمومات الدعاء والرقية
فلم يعدّ ذلك بدعة
والفارق بين هذه الأمور والأذكار البدعية التي يأتي بها الصوفية وغيرهم
أنهم يأتون بأذكار غير مشروعة كقولهم (هو هو) (الله الله) ونحوها
أو أذكار بأحوال غير مشروعة كالذكر مع الرقص والطبل والزار
أو بالإجتماع عليها
أو إعتقاد أنها أفضل مما ورد في السنة
ونحو هذا
أما ما فعله شيخ الإسلام وغيره فليس من هذا الباب في شيء
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 04 - 09, 07:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا
أما قراءة القرآن فلا تدخل في هذا الباب الذي ذكرته، فمشروعية قراءة القرآن في اي وقت لكسب الثواب أو التعلم أو الاستشفاء او غير ذلك لاباس به حتى لو خصصها بوقت معين لأمر يراه كزيادة في انشراح صدره أو نحوها.
فامر قراءة القرآن واسع جدا.
أما تخصيص الدعاء كيا حي ياقيوم مثلا بوقت محدد بعدد معين فهذا يحتاج إلى نص،والمذكور أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يواظب عليها وليست حادثة عين، وفعلها قبله عدد من السلف، فلعلك تطلع على الرابط السابق وما فيه من كلام وفقك الله.
أما الرقى وكتابها فهذا باب آخر، وهو الاستشفاء بالقرآن.
أما الاستدلال بالعمومات فلا يكفي فيما يتعلق بتحديد الأذكار، بل لابد من ورود نص محدد خاصة مع المواظبة عليها.
¥