وأيضاً أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الناس يعرقون يوم القيامة على قدر أعمالهم، فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ العرق إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العرق إلى حقويه، ومنهم من يلجمهم العرق، وهم في مكان واحد!.
ولو قسنا هذا بأحوال الدنيا لكان ذلك متعذراً، لكن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا، وهذا أمر يجب على الإنسان أن يتفطن له وألا يقيس أحوال الآخرة بأحوال الدنيا، كما أنه لا يجوز أن يقيس صفات الله عز وجل بصفات المخلوقين، فمثلاً: إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر) وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته، وجاءت الآية الكريمة: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة:255] وقوله: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:67] فيقول: كيف يكون هذا؟! كيف يكون نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا، والسماء الدنيا بالنسبة إليه ليست بشيء؟!
فيقال: يجب عليك السمع والتصديق في الأخبار، والسمع والطاعة في الأحكام، سواءٌ أدرك ذلك عقلك أم لم يدركه؛ لأن ما يتعلق بالرب جل وعلا لا يشبه ما يتعلق بالمخلوقين، فنحن نؤمن بأن الله ينزل نزولاً حقيقياً إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، ولكن كيف ذلك؟ الله أعلم، وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن قول الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] فقيل له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟ فأطرق برأسه حتى علاه الرحضاء -وهو العرق- خجلاً وحياءً، وتحملاً لهذا السؤال العظيم، ثم رفع رأسه وقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (60) أ.
(25) قول الله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [الذايات:35 - 36].
السؤال:
كيف نجمع بين قول الله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) [الذايات:35] * {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)). [الذريات:36]؟
الجواب:
(ما فيها إشكال، لأن الدار دار لوط عليه الصلاة و السلام دار إسلام، بيته الذي فيه مسلمون، حتى زوجته الكافرة لا تعلن كفرها، لكن لما أراد الله إنجاء أهل الدار، أنجى المؤمنين الذي إيمانهم ظاهر وباطن، فبقيت هي لأنها مسلمة وليست مؤمنة) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (182) ب.
(26) الجمع بين قوله تعالى:
(خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث) الآية، وقوله تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعاً ... ) الآية.
السؤال:
أشكل عليَّ الجمع بين قوله تعالى: {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر:7] وبين قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43] أي: كأنهم يعرفون طريقهم بالعلامات التي يذهبون إليها؟
الجواب:
أنت تدري يوم القيامة كم يوم؟
السائل: خمسون ألف سنة.
طيب، تتغير الأحوال، فهم كأنهم جراد منتشر، ثم بعد ذلك يهتدون إلى الطريق ويسعون) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (182) ب.
يتبع ...
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 04 - 09, 10:09 ص]ـ
تابع: العلامة العثيمين.
(27) الجمع بين قوله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر)، وقوله تعالى: (في أيام نحسات) و قوله تعالى {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.
السؤال:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر) فما حكم مدح الدهر؟ وما تفسير قول الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت:16]؟
الجواب:
(قوله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر) أي: يسب الزمن -الوقت- الليل والنهار، وسب الليل والنهار سب لله عز وجل؛ لأنه هو سبحانه وتعالى هو المدبر لما يكون في الليل والنهار، ولهذا قال تعالى في الحديث نفسه: (وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار).
¥