تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الاستعانة ببعض الكفار في قتال الكفار عند الحاجة أو الضرورة فالصواب أنه لا حرج في ذلك إذا رأى ولي الأمر الاستعانة بأفراد منهم , أو دولة في قتال الدولة المعتدية لصد عدوانها عملا بالأدلة كلها. فعند عدم الحاجة والضرورة لا يستعان بهم , وعند الحاجة والضرورة يستعان بهم على وجه ينفع المسلمين ولا يضرهم , وفي هذا جمع بين الأدلة الشرعية؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استعان بالمطعم بن عدي لما رجع من الطائف ودخل في مكة بجواره , واستعان بعبد الله بن أريقط الديلي ليدله على طريق المدينة وكلاهما مشرك , وسمح للمهاجرين من المسلمين بالهجرة إلى الحبشة مع كونها دولة نصرانية لما في ذلك من المصلحة للمسلمين وبعدهم عن أذى قومهم من أهل مكة من الكفار.

واستعان بدروع من صفوان بن أمية يوم حنين وهو كافر «وقال في حديث عائشة رضي الله عنها للذي أراد أن يخرج معه في بدر وهو مشرك: ارجع فلن نستعين بمشرك» (2) وأقر اليهود بخيبر بعد ذلك , واستعان بهم في القيام على مزارعها ونخيلها لحاجة المسلمين إليه واشتغال الصحابة بالجهاد , فلما استغنى عنهم أجلاهم عمر رضي الله عنه، والأدلة في هذا كثيرة.

والواجب على أهل العلم الجمع بين النصوص وعدم ضرب بعضها ببعض. ودولة البعث أخطر على المسلمين من دولة النصارى؛ لأن الملحد أكفر من الكتابي كما لا يخفى. وما فعله حاكم العراق البعثي في الكويت يدل على الحقد العظيم والكيد للإسلام وأهله.

ومما يجب التنبيه عليه أن بعض الناس قد يظن أن الاستعانة بأهل الشرك تعتبر موالاة لهم , وليس الأمر كذلك فالاستعانة شيء والموالاة شيء آخر. فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حين استعان بالمطعم بن عدي , أو بعبد الله بن أريقط , أو بيهود خيبر مواليا لأهل الشرك , ولا متخذا لهم بطانة , وإنما فعل ذلك للحاجة إليهم واستخدامهم في أمور تنفع المسلمين ولا تضرهم.

وهكذا بعثه المهاجرين من مكة إلى بلاد الحبشة ليس ذلك موالاة للنصارى , وإنما فعل ذلك لمصلحة المسلمين وتخفيف الشر عنهم. فيجب على المسلم أن يفرق ما فرق الله بينه , وأن ينزل الأدلة منازلها , والله سبحانه هو الموفق والهادي لا إله غيره ولا رب سواه , ونشفع لكم نسخة مما كتبناه في ذلك , ونسخة من قرارات المؤتمر بمكة المكرمة في الفترة من 21 - 23\ 2 \ 1411 هـ , ونسخة من وثيقة مكة المكرمة الصادرة عن المؤتمر المذكور.

وأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه والدعوة إليه على بصيرة , وأن يعيذنا وإياكم وسائر إخواننا من مضلات الفتن إنه سميع قريب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية

والإفتاء والدعوة والإرشاد


(1) صحيح البخاري المناقب (3407) ,صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (2886) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 282).
(2) صحيح مسلم الجهاد والسير (1817) ,سنن الترمذي السير (1558) ,سنن أبو داود الجهاد (2732) ,سنن ابن ماجه الجهاد (2832) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 149) ,سنن الدارمي السير (2496).
(الفتاوى).

(55) الجمع بين حديث: (كان لا يدع ثلاثا صيام العشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة).
وحديث عائشة رضي الله عنها قولها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط).
السؤال:
(روى النسائي في سننه عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان لا يدع ثلاثا: صيام العشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة» (1). وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط» (2). وفي رواية: لم يصم العشر قط.
وقد ذكر الشوكاني في الجزء الرابع ص 324 من نيل الأوطار قول بعض العلماء في الجمع بين الحديثين، حديث حفصة وحديث عائشة، إلا أن الجمع غير مقنع، فلعل لدى سماحتكم جمعا مقنعا بين الحديثين؟ (3).
الجواب:
(قد تأملت الحديثين واتضح لي أن حديث حفصة فيه اضطراب، وحديث عائشة أصح منه. والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جدا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يصوم العشر ويخفى ذلك على عائشة، مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سودة وهبت يومها لعائشة، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع. ولكن عدم صومه صلى الله عليه وسلم العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم.
وقد دل على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح فيتضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس، وما جاء في معناه. وهذا يتأيد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطراب، ويكون الجمع بينهما على تقدير صحة حديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته. والله ولي التوفيق) اهـ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير