تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رد الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان على من أجاز جر الثوب لغير الخيلاء]

ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[09 - 06 - 09, 04:26 ص]ـ

أحببت أن أنقل لكم كلام الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله تعالى الذي ذكره أثناء تعليقه على كتاب الكبائر للإمام الذهبي رحمه الله (صفحة 396) حول مسألة حكم جر الثوب لغير الخيلاء: عند تعليقهً على حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة)) فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا رسول الله! إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده, فقال: ((إنك لست ممن يفعله خيلاء)) رواه البخاري

قال حفظه الله: ومن الأمور المهمة التي يجب ذكرها بهذه المناسبة ويكثر احتجاج العامة بها قولهم: إننا لسنا ممن يجر ثوبه خيلاء فنحن كأبي بكر في هذه الحادثة!

وهذا الكلام ليس بصواب من وجوه متعددة هي:

أولاً: ما ذكره ابن حجر في الفتح (10/ 255): أن سبب الإسترخاء الوارد في الحديث: نحافة جسم أبي بكر -رضي الله عنه-

ثانياً: أن أبا بكر كان محافظاً عليه لا يسترخي لأنه كلما كاد يسترخي شده.

ثالثاً: أننا لسنا معنا شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كشهادته لأبي بكر.

رابعاً: قال الحافظ ابن حجر: ((وفي الأحاديث: أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة, وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الحديث تحريمه -أيضاً-)).

خامساً: وكذا قال ابن عبدالبر, والإمام النووي, كما نقل الحافظ ذلك عنهم, غير أن الإمام النووي قال بالكراهة لغير الخيلاء.

سادساً: قال ابن العربي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه, ويقول: لا أجُرُّه خيلاء, لأن النهي قد تناوله لفظاً ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول: لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيَّ فإنها دعوى غير مسلَّمة بل إطالة ذيله دالة على تكبره ... اهـ من الفتح.

سابعاً: وأفاد شيخنا الألباني -رحمه الله- في بعض (مجالسه) أنه لا يجوز للمسلم أن يتعمد إطالة ثوب بدعوى أنه لا يفعل ذلك خيلاء وذلك لسببين اثنين:

السبب الأول: وهو الذي يتعلق بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ((إنك لا تفعل ذلك خيلاء)) أن أبا بكر -رضي الله عنه- لم يتخذ ثوباً طويلاً وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك لا تفعل ذلك خيلاء)) وإنما كان قوله صلى الله عليه وسلم جواباً لقوله بأنه يسقط الثوب عنه فيصبح كما لو أطال ذيله, فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هذا أمر لا تؤاخذ عليه لأنك لا تفعله قصداً ولا تفعله خيلاء.

فلذلك لا يجوز أن نلحق بأبي بكر ناساً يتعمدون إطالة الذيول, ثم يقولون: نحن لا نفعل ذلك خيلاء. فحادثة أبي بكر لا تشهد لهؤلاء مطلقاً.

السبب الآخر: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع نظاماً للمسلم في ثوبه ومقدار ما يجوز أن يطيل منه, قال صلى الله عليه وسلم: ((إزرة المؤمن إلا عضلة ساقيه, ثم إلى الكعبين فما كان أسفل من ذلك ففي النار.

فهنا, لا يوجد العلة التي جاء ذكرها في الحديث الصحيح: ((من جرَّ إزاره خيلاء لا ينظر الله -عز وجل- إليه يوم القيامة))

فهذا وزره أشد من وزر من يطيل إزاره تحت ساقيه بمعنى: أن إطالة الإزار تحت الساقين عمداً بغض النظر, هل فعل ذلك خيلاء أولا؟ فهو مؤاخذ عليه صاحبه وهو في النار, لكن إن اقترن مع هذه المخالفة لهذا النظام النبوي إلى نصف الساقين, فإن طال فإلى ما فوق الكعبين, فإن طال ففي النار, فإن اقترن مع هذه المخالفة لهذا النظام أن يفعل ذلك خيلاء فهو الذي يستحق وعيد فقده لرحمة ربه, وتوجه ربنا -عز وجل- بالنظرة الرحمة إليه يوم القيامة, لذلك لا ينبغي أن نأخذ من أبي بكر جواز الإطالة بدون قصد الخيلاء, لأن هذا يخالف نظام الحديث السابق, وهذا واضح انشاء الله ... اهـ.

ثامناً: من المعلوم أن فضل الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- لا يخفى على أحد, ويكفيه فخراً أن إيمانه أثقل في الميزان من إيمان الأمة, ومع ذلك خاف من عقاب الله عندما كان إزاره يسترخي في بعض الأحيان فيلامس الأرض دون قصد منه, وكان يتعاهده, فهل هذا يتساوى ويتفق مع من يذهب إلى الخياط ويأخذ مقاسه ويوصيه بأن يكون الثوب طويلاً يلامس الأرض, فهذا متعمد وعاصٍ على بصيرة وبينة, بل -للأسف- عندما نقول للشباب ارفع ثوبك, فيقول كلمة خطيرة, وهي بزعمه أن الصحابة كانوا فقراء, وكان لا يوجد عندهم من القماش أو الملابس تكفيهم لإطالة ثيابهم, وهذا جهل فاضح بحياة الصحابة, بل قد يصل يصل الأمر إلى الاستهزاء والتنقص منهم, وهذا أمر يقدح في إيمان وعقيدة المسلم.

تاسعاً: الذي يطيل ثوبه أسفل الكعبين متشبه بالنساء لأن إطالة الثوب من فعل النساء, وهذا أمر واجب في حقهن, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: ((يرخين شبراً)) , قالت: إذن تنكشف أقدامهن! قال: ((فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه)).

وفي رواية: رخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُمهات المؤمنين شبراً ثم استزدنه فزادهن شبراً, فكنّ يرسلن إليها فنذرع لهن ذراعاً.

قال الحافظ في (الفتح): (( ... فهمت أم سلمة الزجر عن الإسبال مطلقاً, سواء كان عن مخيلة أم لا, فسألت عن حكم النساء في ذلك, لاحتياجهن إلى الإسبال من أجل ستر العورة, لأن جميع قدمها عورة, فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط .. ثم قال الحافظ: والحاصل أن للرجال حالين: ... )) الخ ما نقلناه عنه قريباً.

.

.

انتهى من التعليق على كتاب الكبائر للإمام الذهبي رحمه الله (صفحة 396)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير