تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الصنعاني في سبل السلام " أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة وصيانته عن تضييعه في غير ذلك ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله علية وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة إلى أعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر

القول الثالث:الذكر الحسن بعد الوفاة.

قوله: (وينسأ في أثره) أي: يبقى ذكره الطيب وثناؤه الجميل مذكورًا على الألسنة، فكأنه لم يمت، والعرب تقول الثناء يضارع الخلود، قال الشاعر: إن الثناء هو الخلود كما يسمى الذم موتًا قال سابق البريرى: قد مات قوم وهم في الناس أحياء يعنى بسوء أفعالهم وقبح ذكرهم"

أن صلة الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت؛ ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده بتأليف ونحوه والصدقة الجارية عليه والخلف الصالح

المطلب الثاني: الراجح من الأقوال

أقول: أن القول بأن الزيادة في الرزق والعمر على حقيقتها هو الأرجح إن شاء الله تعالى؛ وذلك لعدة أسباب:

1 - الدَّلالة اللغوية لمعنى كلمة "نسأ " فالنسأ التأخير، يقال: نسأت الشيء أنسأ , وأنسأنه إذا أخرته، والنَّساء الاسم، ويكون في العمر والدين والأثر والأجل ويسمّى به لأنه يتبع العمر

فلذلك كانت الزيادة على حقيقتها , ومن القائلين بذلك القول (أي الزيادة الحقيقية)

2 - ابن عباس _رضي الله عنه_ عندما سئل عن حديث " من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه " كيف يزاد في العمر والأجل فقال: قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ} الأنعام2. فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته , والأجل الثاني يعني المسمى عنده من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ , لا يعلمه إلا الله , فإذا اتقى العبد ربه , ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء , وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء فيزيده في أجل البرزخ فإذا تحتم الأجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان لقوله تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} الأعراف34 فتوافق الخبر والآية وهذه زيادة في نفس العمر وذات الأجل على ظاهر اللفظ في اختيار حبر الأمة والله أعلم"

3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والأجل أجلان: مطلق يعلمه الله وحده، وأجل مقيد، وبهذا يتبين معنى قوله: من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، فإن الله أمر المَلك أن يكتب له أجلاً، وقال: إن وصل رحمه زدته كذا وكذا، والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر.

وقال في موطن آخر عندما سُئل عن الرزق: هل يزيد أو ينقص، فأجاب: "الرزق نوعان: أحدهما: ما علمه الله أن يرزقه، فهذا لا يتغير، والثاني: ما كتبه، وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب ….

ثم إن الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه؛ فإن كان قد تقدم بأن يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب، وذلك الذي قَدَّره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب- كموت مورثه- يأتيه بغير اكتساب".

4 - قال الإمام الشوكاني –رحمه الله - في تنبيه الأفاضل "فإعمال بعض ما ورد في الكتاب والسنة وإهمال البعض الآخر ليس كما ينبغي، فإن الكل ثابت عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم والكل شريعة واضحة وطريق مستقيمة والجمع بما لاإهمال فيه لشيء من الأدلة وبيانه أن الله تعالى كما علم أن العبد يكون له في العمر كذا وكذا ومن الرزق كذا وكذا وهو من أهل السعادة والشقاوة قد علم أنه إذا وصل رحمه له في الأجل كذا وبسط له من الرزق كذا وصار في أهل السعادة بعد أن كان في أهل الشقاوة أو صار في أهل الشقاوة بعد أن كان في أهل السعادة وهكذا قد علم ما ينقصه للعبد كما علم أنه إذا دعاه واستغاث به والتجأ إليه صرف عنه الشر ودفع عنه المكروه وليس في ذلك خلف ولامخالفة لسبق العلم بل فيه تقييد المسببات بأسبابها كما قدر الشبع والروي بالأكل والشرب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير