[ذم الكلام]
ـ[محمد براء]ــــــــ[05 - 07 - 08, 03:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا فصل من كتاب شَنُّ الغَارَات على أهلِ وحدَةِ الوجُودِ وأهلِ المعيَّةِ بالذََّات للشيخ محمد ابن أبي مدين الشنقيطي وهو لا يزال مخطوطاً.
قال فيه: " واعلم أن السَّلَفَ الصالح إنما يرجع في صِفَات الله تعالى وأسمائِهِ إلى مُجرَّدِ النَّقلِ وبه يردُّ على من خالفَ، كردِّ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما على معبدٍ الجُهَنِيِّ في مسألةِ القَدَر بجوابِهِ ? لجبريلَ عليه السلام، وهو أول حديث في «صحيح مسلم»، وقد أخرجه مسلمٌ أيضاً والبخاري عن أبي هريرة مُختصراً، وغير ذلك مما لا يحصى.
وأما المتكلِّمُون فيرجعونَ في ذلك إلى الدَّليلِ العقلِيِّ ويُحكِّمُونه في ما لا مدخلَ لهُ فيهِ، فإن وافق الدليلُ النقلي قبلوه وإلا ردُّوهُ أو تأولوه، وحقيقةُ ذلك الدليلِ العقليِّ مبنيةٌ على تقسيم الفلاسفة العالمَ إلى عرضٍ وجوهرَ، وهو أمرٌ لا أصل له في دين الإسلام، لا في كتابٍ ولا في سُنَّةٍ ولا في أقوالِ سلفِ هذه الأُمَّةِ، فعلى المسلم أن يجعل العقل تابعاً للنَّقل لئلا يقعَ في المهالك.
انظر: «شرح القرطبي لصحيح مسلم» في الكلامِ على حديث: " أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم "، وشرح علي القاري للشفا في الكلام على الباطنِيَّة، ومقدمة «تاريخ ابن خلدُون» في الكلام على العلوم الإلهيَّات، والجُزء الأول من «الاعتصام» لأبي إسحاقَ الشَّاطبيِّ، وكتاب «التعليم والإرشاد» لمُحمد بدرِ الدين الحلبيِّ.
قال العلامة الفقيهُ مُحمَّد يحيى بن محمد المختار بن الطالب عبد الله الداوودي ثم السعيدي الولاتي وطناً المتوفى سنة ثلاثين وثلثمائة ما نصه: " ومذهبُ أهل السنة أن العقل لا عبرة به إلا إذا وافق دليلاً نقلياً من كتاب أو سنة، فلا يعتبرُ إلا تبعاً للشرع، ولا استقلال له في إثباتِ حكمٍ شرعي " ا. هـ كلامه بلفظه.
وقال السندي في حاشيته على «سُنن ابن ماجه» في الكلام على زيادة الإيمانِ ونُقصانه ما نصه: " والسَّلفُ كانوا يتبعون الوارد ولا يلتفتون إلى نحو تلك المباحث الكلاميَّةِ التي استخرجها المتأخِّرُون " ا. هـ كلامه بلفظه.
وقال العلامة أحمد بك الهاشميُّ في كتابه «جواهر الأدب» ما نصه: " كان السَّلفُ الصالحُ من الصَّحابةِ والتابعين يستدلُّون على عقائدهم بظاهرِ الكتابِ والسُّنَّة، وما وقع فيهمَا من المتشابه أو أوهم التشبيه المنافي لتنزيه المعبود توقَّفُوا فيه خوفَ أن يحيد فهمُهُم في التأويل عن القصد " ا. هـ كلامه بلفظه.
وبهذا كلِّه تعلم أنَّ الدَّليلَ الذي يُحمل اللَّفظُ على غير ظاهره إنَّمَا هو عند السَّلف النقليُّ لا العقلي، وبه أول الأدلةَ التي احتجَّ بها جهم وأتباعهُ لمعيَّة الذات، وقد جمعتُ لك – ولله الحمد – في هذا الكتاب من ذلك ما فيه – إن شاء الله تعالى – كفاية.
وقال السيوطي في كتابه: «الدُّرِّ المنثور في التفسير بالمأثور في الكلام على قوله تعالى: ? فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ? الآية [آل عمران: 7] الآية ": أخرجَ الهرويُّ في «ذم الكلام» عن الإمامِ الشَّافعي رضي الله عنه قال: حُكمي في أهلِ الكلام حكمُ عمرَ في صَبِِيغ: أن يضرَبُوا بالجريد والنعال، ويحملُوا على الإبل، ويطافَ بهم في العشائر والقبائلِ، وينادى عليهم: هذا جزاءُ من ترك الكتاب والسنة وأقبلَ على الكلام " ا. هـ كلامه بلفظه. ومثله في كتاب «شرف أصحاب الحديثِ» للحافظ الخطيب البغداديِّ.
وفي كتاب «التعليم والإرشاد» لمحمد بدر الدين الحلبي ما نصُّه: " قال الفخرُ الرازيُّ: ولقد تأملتُ الطُّرقَ الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتُهَا تشفي غليلاً، ولا تروي عليلاً، ورأيتُ أقرب الطُّرق طريقُ القرآن، اقرأ في الإثبات: ? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ? و? إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ?.
واقرأ في النفي: ? لَيسَ كمثلِهِ شَيٌء ?، ? ولا يحيطُونَ بِهِ علمَاً ?، ومن جرَّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي " ا. هـ منه بلفظه.
¥