تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يصح أن نقول (عبَّر الله)

ـ[أبو محمد الحضرمي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 06:30 م]ـ

وجدت عدداً من العلماء يطلقون لفظ (عبر الله) في كتبهم، ومن ذلك:

قال البغوي رحمه الله في تفسيره:

{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قيل: الباء في قوله تعالى {بِأَيْدِيكُم} زائدة، يريد: ولا تلقوا أيديكم، أي أنفسكم {إِلَى التَّهْلُكَةِ} عبر عن النفس بالأيدي

وقال ابن كثير رحمه الله:

وهذا بُرهان ثان لموسى، عليه السلام، وهو أن الله أمره أن يدخل يده في جيبه، كما صرح به في الآية الأخرى، وهاهنا عبر عن ذلك بقوله: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ}.

وقال ابن العربي رحمه الله في أحكام القرآن:

المسألة الثانية: عبر الله هاهنا بالصلاة عن القراءة، كما عبر بالقراءة عن الصلاة في قوله: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}؛ لأن كل واحد منها مرتبط بالآخر؛ الصلاة تشتمل على قراءة وركوع وسجود، فهي من جملة أجزائها، فيعبر بالجزء عن الجملة وبالجملة عن الجزء، على عادة العرب في المجاز وهو كثير.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/ 351):

وقوله: إنه لا تصح العبارة عن التوحيد: كفر بإجماع المسلمين فإن الله قد عبر عن توحيده ورسوله عبر عن توحيده والقرآن مملوء من ذكر التوحيد.

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن:

في تفسير قوله تعالى: (وقرآن الفجر) قال: وفيها: فضيلة صلاة الفجر، وفضيلة إطالة القرآن فيها، وأن القراءة فيها ركن، لأن العبادة إذا سميت ببعض أجزائها دل ذلك على فضيلته وركنيته، وقد عبر الله عن الصلاة بالقراءة وبالركوع وبالسجود وبالقيام، وهذه كلها أركانها المهمة.

وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان:

قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المرء وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] فهذه الآية تدل على أنه شيء موجود له حقيقة تكون سبباً للتفريق بين الرجل وامرأته وقد عبر الله عنه بما الموصولة وهي تدل على أنه شيء له وجود حقيقي.

وقال ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى 7/ 99:

قال سبحانه: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) لأنه يؤدى بالذل والخضوع لله فسمي إسلاما وعباده، لأن العبد يؤديه بالخضوع والذل لله، وعبر عنه بالتقوى لأن العبد يؤديه متقي بذلك ربه ويخاف عقوبته، وسماه إيمانا لأن العبد يؤدي ذلك عن إيمان وعن تصديق لا عن شك وريب بل يؤدي هذه العبادات وهذه الأعمال عن إيمان بالله وحده، وأنه ربه ومعبوده الحق وأنه مستحق لذلك وهو يؤديها عن إيمان وعن صدق وسماه برا لما فيه من الخير العظيم والسعادة، فهو بر، وسماه هدى لما فيه من الخير أيضا لأنه يهدي إلى الخير ويوصل إلى الخير وإلى أسباب السعادة وفي آيات أخرى عبَّر عن ذلك بالإيمان والعمل الصالح فقال سبحانه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم).

وقال الشيخ محمد بن عثيمين في شرح العقيدة السفارينية:

لو قال قائل: عبَّر الله عن الماضي بقوله: {قد سمع} (المجادلة 1) لتحقق وقوعه فهو كقوله: {قد أتى أمر الله} (النحل 1)؟ لو أن أحداً قال هذا القول؟

نقول هذا القول: لا يصح لأن الله تعالى قال: {قد سمع}،

وإذا قلنا: إنه عبَّر عنه قبل وقوعه صح أن نقول إنه لم يسمعه، ولا أحد يتجرأ أن يقول مثل هذا القول.

وقال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة:

هنا قد يسأل سائل: لِمَ عبَّر الله تعالى بقوله: {وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل}، وفي موسى وعيسى قال تعالى: {وما أوتي موسى وعيسى}؛ فهل هناك حكمة في اختلاف التعبير؟

فالجواب: أن نقول بحسب ما يظهر لنا ــــ والعلم عند الله: إن هناك حكمة لفظية، وحكمة معنوية.

وقال ابن عثيمين في تفسير سورة الحجرات:

وهنا عبَّر الله تعالى بقوله: {كثيرا من الظن} ولم يقل: اجتنبوا الظن كله، لأن الظن ينقسم إلى قسمين.

ـ[مسدد2]ــــــــ[20 - 08 - 08, 01:48 ص]ـ

سؤال جيد، فإذا قلنا: "عبّر الله" فالتساؤل الأول هو: هل ورد هذا اللفظ في الكتاب والسنّة؟ وهذا بحاجة الى استقصاء.

ثم على فرض أنه لم يرِد، فيكون السؤال الثاني: هل تُوهِم كلمة " عبّر" نقصاً في حق الله؟

فأصل الكلمة من عبارة، وتعبير، والعبور، وهو إيصال المعنى من واحدِ لآخَر، أو إفهامه.

وليس في هذا على ما يبدو نقصاً. ثم مادام العلماء قد استعملوها بوفرة كما تفضلتم بنقل شيء منه، فلا بد وأن لا محذور فيها.

ولا شك أنه من الملاحَظ في الأمثلة التي سقتُموها أنها كلها متعلقة بكلام الله تعالى، فلذا لا حرج في استعمال كلمة "عبّر" ومشتقاتها حيث أنها من المترادفات مع:

كلام الله، كلماته، تكلم،

الذكر، ذِكره، ذَكَر في قرآنه

قول الله، قوله، قال في قرآنه

عبارة (= كلمة أو كلمات)، عبارته (= كلِمتُه، كلماته)، عبّر في قرآنه

فهذه كلها مترادفات، خلاف كلمة " لفظة، ولفْظتُه، ومشتقاتها" إذ أنها توهم نقصاً من فم وشفة فلا تستعمل إلا إن وردت في النصوص فعلى الرأس والعين مع اعتقاد عدم المشابهة.

وهذا جهد المقل، وأتراجع إن تبين لي الصواب غير هذا.

والله أعلم ..

مسدد2

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير