تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما نقص علمي وعلمك من علم الله "ما المراد بالنقصان المضاف إلى الله؟]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[25 - 07 - 08, 11:31 م]ـ

"ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر"ما المراد بالنقصان المضاف إلى الله؟

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:

هذه الجملة من حديث موسى والخضر ""ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر" وجملة {لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا عِنْدِي} من الحديث القدسي.

والسؤال ما المقصود بالنقصان في هذين الحديثين؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

وقوله: لم ينقص مما عندي فيه قولان:

أحدهما: أنه يدل على أن عنده أمورا موجودة يعطيهم منها ما سألوه وعلى هذا فيقال لفظ النقص على حاله لأن الإعطاء من الكثير وإن كان قليلا؛ فلا بد أن ينقصه شيئا ما , ومن رواه: لم ينقص من ملكي يحمل على ما عنده كما في هذا اللفظ؛ فإن قوله: مما عندي فيه تخصيص ليس هو في قوله: من ملكي

وقد يقال: المعطي إما أن يكون أعيانا قائمة بنفسها أو صفات قائمة بغيرها؛ فأما الأعيان فقد تنقل من محل إلى محل فيظهر النقص في المحل الأول , وأما الصفات فلا تنقل من محلها وإن وجد نظيرها في محل آخر كما يوجد نظير علم المعلم في قلب المتعلم من غير زوال علم المعلم , وكما يتكلم المتكلم بكلام المتكلم قبله من غير انتقال كلام المتكلم الأول إلى الثاني , وعلى هذا فالصفات لا تنقص مما عنده شيئا وهي من المسؤول كالهدى.

وقد يجاب عن هذا بأنه هو من الممكن في بعض الصفات أن لا يثبت مثلها في المحل الثاني حتى تزول عن الأول كاللون الذي ينقص , وكالروائح التي تعبق بمكان وتزول كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على حمى المدينة أن تنقل إلى مهيعة وهي الجحفة , وهل مثل هذا الانتقال بانتقال عين العرض الأول أو بوجود مثله من غير انتقال عينه؟ فيه للناس قولان:

إذ منهم من يجوز انتقال الأعراض بل من يجوز أن تجعل الأعراض أعيانا كما هو قول ضرار والنجار وأصحابهما كبرغوث وحفص الفرد

لكن إن قيل: هو بوجود مثله من غير انتقال عنه فذلك يكون مع استحالة العرض الأول وفنائه فيعدم عن ذلك المحل ويوجد مثله في المحل الثاني.

والقول الثاني: أن لفظ النقص هنا كلفظ النقص في حديث موسى والخضر الذي في الصحيحين من حديث ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم [وفيه أن الخضر قال لموسى لما وقع عصفور على قارب السفينة فنقر في البحر فقال: يا موسى مانقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

ومن المعلوم أن نفس علم الله القائم بنفسه لا يزول منه شيء بتعلم العباد وإنما المقصود أن نسبة علمي وعلمك إلى علم الله كنسبة ماعلق بمنقار العصفور إلى البحر]

ومن هذا الباب كون العلم يورث كقوله: العلماء ورثة الأنبياء ومنه قوله: {وورث سليمان داود} ومنه توريث الكتاب أيضا كقوله: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} ومثل هذه العبارة من النقص ونحوه تستعمل في هذا وإن كان العلم الأول ثابتا كما قال سعيد بن المسيب لقتادة وقد أقام عنده أسبوعا سأله فيه مسائل عظيمة حتى عجب من حفظه وقال: نزفتني يا أعمى وإنزاف القليب ونحوه هو رفع ما فيه بحيث لا يبقى فيه شيء ومعلوم أن قتادة لو تعلم جميع علم سعيد لم يزل علمه من قلبه كما يزول الماء من القليب.

لكن قد يقال: التعليم إنما يكون بالكلام والكلام يحتاج إلى حركة وغيرها مما يكون بالمحل ويزول عنه ولهذا يوصف بأنه يخرج من المتكلم كما قال تعالى: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} ويقال: قد أخرج العالم هذا الحديث ولم يخرج هذا فإذا كان تعليم العلم بالكلام المستلزم زوال بعض مايقوم بالمحل وهذا نزيف وخروج كان كلام سعيد بن المسيب على حقيقته.

ومضمونه أنه في تلك السبع الليالى من كثرة ما أجابه وكلمه ففارقه أمور قامت به من حركات وأصوات بل ومن صفات قائمة بالنفس كان ذلك نزيفا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير