تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مناقشة المعتزلة في القضاء والقدر (عقلية ونقلية) للشيخ عبدالرحمن المحمود]

ـ[ابو العابد]ــــــــ[29 - 06 - 08, 03:28 م]ـ

*المعتزلة في القضاء والقدر باختصار*

اختصرته من أجل الفائدة لي ولأخواني ....

أ _ مناقشة أدلتهم العقلية:

1 _ دعوى التفريق بين الأمور الاختيارية، والأمور الاضطرارية، والفصل بين المحسن والمسيء، وبين حسن الوجه وقبيحه، هذه الدعوى مقبولة، ودل عليها الشرع والعقل، والثواب والعقاب مترتب على الأمور الاختيارية دون الاضطرارية، ولكن من أين دل هذا على أن الله غير خالق لأفعال العباد، وأن العباد وحدهم هم الخالقون له؟ إنه لا دليل فيها مطلقاً، إذ ما نفعله بالاضطرار خلق الله، والله لا يحاسبنا عليه، بل قد يجزي عباده على ما يبتليهم به من الأمراض، وعموم الابتلاءات، إذا صبروا عليها، وردوا الأمر إلى قضاء الله وقدره، أما ما نفعله بالاختيار، والمشيئة التي أعطانا الله إياها، فإنه فعل لنا حقيقة، ونحن مسئولون عنه، ولا يمنع ذلك أن يكون مخلوقاً لله _ سبحانه وتعالى _.

2 _ أما ما يقوله المعتزلة: من أن التصرفات متعلقة بنا؛ لأنها تقع بحسب قصودنا، ودواعينا، وتنتفي بحسب كراهتنا، وصارفنا، مع سلامة الأحوال، فهذا منقوض بما يقابله تماماً، فإننا نرى في الشاهد، أن الأمور أحياناً لا تقع بحسب قصودنا ودواعينا، وتقع مع كراهتنا وصارفنا، وهذا أمر مشاهد ومحسوس.

أما دعوى سلامة الأحوال، فلا دليل فيها؛ لأن هذا جعله الله سنة في هذا الكون، فالقادر: يقوم، ويقعد، ويمشي حسب إرادته، ولكنه قد يظن في وقت أنه قادر على المشي إلى مكان ثم يجد قد حال دون مقصده حائل، بتقدير الله _ سبحانه وتعالى _، إذاً فتصرفات العباد يخلقها الله فيهم وتقع مطابقة لقصودهم ودواعيهم، ولا يدل ذلك على أنهم الخالقون لها، وأيضاً: فكون هذه التصرفات متعلقة بنا ومحتاجة إلينا، لا يلزم منها أننا خالقون لها.

3 _ أما الدليل العقلي الثالث: فمردود بأن الله تعالى _ خالق أفعال العباد، بمعنى أنها مخلوقة له، والعباد فاعلون لأفعالهم، ولهم قدرة على الفعل والترك، وهم متمكنون من ذلك بما مكنهم الله _ تعالى _، وهذا لا يعارض ما سبق من أن الله خلق أفعالهم، وفرق أفعال العباد عن الجمادات لا يحتاج إلى بيان؛ لأننا نقول: إن العباد فاعلون حقيقة، ولهم إرادة ومشيئة، وبهذه افترقوا عن الجمادات، وخوطبوا بتكليف الشرع.

4 _ أما قول المعتزلة: لو كان الله خالقاً لأفعال العباد، لبطل الثواب والعقاب؛ إذ كيف يعاقبهم الله على أمر خلقه فيهم؟ ...

فالجواب: أنه قد ثبت بالأدلة القاطعة، أن الله خالق أفعال العباد، كما ثبت بالأدلة القاطعة، أن الإنسان مكلف، وأنه سيلقى الجزاء يوم القيامة على ما عمله في الدنيا، والله _ سبحانه وتعالى _ قد أقام الحجة على العباد، وأعطاهم المشيئة والقدرة على الاختيار، والعباد هم الفاعلون حقيقة لأفعالهم، وإن كانت أفعالهم كلها مخلوقة لله _ تعالى _: فإذا ثبت هذا، ووضح الحق لطالب الحق، بطل هذا السؤال الوارد؛ إذ لا تعارض البتة بين تكليف العباد، وبين خلق الله لأفعالهم؛ لأن الله مكنهم، وأقام الحجة عليهم، ولم يجبرهم، وأخبر أنه ليس بظلام للعبيد، وأنه لا يظلم الناس مثقال ذرة، والله فطر العبد على محبته، وتألهه، والإنابة إليه، فإذا لم يفعل العبد ما خلق له، وفطر عليه، عوقب على ذلك، بأن زين له الشيطان ما يفعله من الشرك والمعاصي [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1).

5 _ أما دليلهم العقلي الخامس فقد يكون أيضاً دليلاً للجبرية الذين أثبتوا الفعل لله ونفوه عن العبد، والمعتزلة أثبتوا الفعل للعبد ونفوه عن الله، وسبب غلطهم جميعاً أنهم غفلوا عن الفرق بين ما هو خلق الله _ تعالى _ وما هو مخلوق له _ سبحانه وتعالى _، وأفعال العباد مخلوقة لله _ تعالى _، وليست هي نفس فعل الرب وخلقه، حتى لا يضاف إلى الله _ تعالى _ ما يفعله العباد، من الظلم والكذب، والقبائح؛ لأن هذه الصفات يتصف بها من كانت فعلاً له، كما يفعلها العبد وتقوم به، ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له، إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أنه سبحانه لا يتصف بما خلقه في غيره من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير