[حول تأويل: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)]
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 02:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وصحبه أما بعد.
ماقولكم أحبتي في من يؤول الحديث النبوي الكريم «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».
والذي أخجاه في الصحيحين , وقرينة تأويله , الأيات الكريمه التي تدل على أن الشخص لايحمل وزر غيره , كقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) , والتي وردت في خمس مواضع من القرآن الكريم.
حيث يقول: العلاقة بين لفظة العذاب ولفظة العقوبة , علاقة شمول , حيث كل عقوبة عذاب , وليس كل عذاب عقوبة , فالعقوبة أخص, والعذاب أعم , ويستدل على ذلك , بالحديث النبوي الشريف الذي أخرجاه في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ».
فيكون معنى الحديث: أن الميت الذي يبكيه أهله , يحصل له مشقه وحزن , تكون له عذابا في قبره بسببها , لا أنه يعاقب على فعلهم (البكاء عليه) , كيف والبكاء على الميت لا يحرم أصلا على فاعله.
قلت: فإن لم يكن هذا التأويل صحيحا , فما التأويل الصحيح للحديث؟
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[18 - 07 - 08, 02:59 ص]ـ
قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)
وفي رواية (ببعض بكاء أهله عليه) وفي رواية (ببكاء الحي) وفي رواية (يعذب في قبره بما نيح عليه) وفي رواية (من يبك عليه يعذب) وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وأنكرت عائشة ونسبتها إلى النسيان والاشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، واحتجت بقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالت: وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم في يهودية أنها تعذب وهم يبكون عليها يعني تعذب بكفرها في حال بكاء أهلها لا بسبب البكاء واختلف العلماء في هذه الأحاديث فتأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم؛ لأنه بسببه ومنسوب إليه. قالوا فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب لقول الله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالوا: وكان من عادة العرب الوصية بذلك ومنه قول طرفة بن العبد:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
قالوا: فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادا لهم. وقالت طائفة: هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوص بتركهما. فمن أوصى بهما أو أهمل الوصية بتركهما يعذب بهما لتفريطه بإهمال الوصية بتركهما فأما من وصى بتركهما فلا يعذب بهما إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط منه. وحاصل هذا القول إيجاب الوصية بتركهما، ومن أهملهما عذب بهما. وقالت طائفة: معنى الأحاديث أنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم، وتلك الشمائل قبائح في الشرع يعذب بها كما كانوا يقولون: يا مؤيد النسوان، ومؤتم الولدان ومخرب العمران ومفرق الأخدان، ونحو ذلك مما يرونه شجاعة وفخرا وهو حرام شرعا. وقالت طائفة: معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره. وقال القاضي عياض: وهو أولى الأقوال، واحتجوا بحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر امرأة عن البكاء على أبيها وقال: (إن أحدكم إذا بكى استعبر له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم) وقالت عائشة رضي الله عنها: معنى الحديث أن الكافر أو غيره من أصحاب الذنوب يعذب في حال بكاء أهله عليه بذنبه لا ببكائهم.
والصحيح من هذه الأقوال ما قدمناه عن الجمهور وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين.
النووي في شرحه على صحيح مسلم.
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 03:07 ص]ـ
جزاك الله خيرا أختي المسلمة , والتأويل السابق محكي عن ابن جرير الطبري , والقاضي عياض , كما نقله النووي.
فهو بذلك قول لبعض العلماء من أهل السنة والجماعة , وهذه فائدة ماكنت أعلمها قبل الآن.
ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 04:45 ص]ـ
وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في جواب الاعتراضات المصرية.
ـ[أبوحازم الحربي]ــــــــ[19 - 07 - 08, 11:55 م]ـ
فيه خمسة أقوال وتوجيهات:
الأول: قالوا: يُعذب من كان عادته وعادة أهله النياحة على الميت، وهذا توجيه الإمام البخاري - رحمه الله -.
الثاني: إذا هو أمر بالنياحة عليه.
الثالث: أنه خاصٌ بالكافر، وهذا فيه ضعف.
الرابع: أن المقصود بالعذاب هنا: الألم النفسي وليس العقاب الحسي لأنه قال: ((يُعذب)) ولم يقل: ((يُعاقب))، وهذا توجيهٌ قوي وقال به جمعٌ من أهل العلم.
الخامس: أنه يُعذب يتوبيخ الملائكة له كلما نيحَ عليه.
وأقوى هذه الأقوال: الأول، والثاني، والخامس.