[تقريب وتهذيب نقض المنطق لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[27 - 07 - 08, 05:12 م]ـ
أرجو من الإخوة تزويدنا بالملحوظات
تقريب نقض المنطق لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
ما اتفق عليه السابقون من علماء سلف هذه الأمة من ذم المنطق والتحذير منه , توصل إليه كثير من الباحثين من أهل الإسلام وغيرهم , وخذ مثالا على ذلك بأحد الكتاب الغربين وهو" بيير دي لارامي " فهو من أوائل من حمل على منطق أرسطو وكتب في ذلك كتابه المشهور " كل ما قاله أرسطو فهو وهم " وكتب كذلك رسالته في الأخطار الرستوطالية , وهذا نذكره لندلل أن ذم المنطق مما اتفق عليه العقلاء ,وأن كثيرا من قواعده ومقدماته يرفضها العقل والفطرة.
وممن تميز بنقد المنطق ونقضه من علماء هذه الأمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ وقد شهد بهذا التميز كثير من الباحثين.
وقد ذكر الشيخ سلطان العميري في كتابه " تميز ابن تيمية في نقد المنطق " (22) الأسباب , والأوصاف التي أوجبت تميز ابن تيمية في نقده للمنطق , وقد أرجعها إلى أوجه ثمانية وهي:
الأول: أنه تفطن لأصول المنطق الفلسفية التي بُني عليها، فإن كل منطق مرتبط بفلسفة معينة يبنى على أصولها، ولهذا اختلفت أنواع المنطق تبعًا لاختلاف أصول الفلسفات التي يمكن أن تأثر فيه، وفي هذا يقول زكي نجيب: «ما من موضوع من موضوعات المنطق إلا وتختلف النظرة إليه باختلاف المذهب الفلسفي الأساسي الذي يتجه إليه الباحث".
فابن تيمية تفطن لهذه القضية فبنى نقده على أن المنطق الأرسطي مبني على أصول مخالفة للشرع والعقل باطلة في نفسها، وفي هذا يقول: «تبين لي أن كثيرًا مما ذكروه في أصولهم في الإلهيات وفي المنطق هو من أصول الفساد في الإلهيات، مثل ما ذكروه من تركب الماهيات من الصفات التي سموها ذاتيات …
الثاني: أنه استوعب مواطن الخلل في المنطق بالنقد، وتوسع فيه وتتبع تفاصيله، وهذا التوسع لا يوجد عند غيره ممن سبقه، فإن من نقده منهم يكتفي بالإجمال أو التفاصيل في بعض المسائل، ولم يستوعب المنطق في النقد، وهذا بخلاف ابن تيمية؛فإنه تتبع المنطق في تفاصيله فنقد المنطق الأرسطي في قسميه: التصور والتصديق، ونقده في الدلالات وتفسيرها، وفي الكليات، وفي طريقة الحد، وفي الغرض من الحد، وفي القضايا، وفي تركب القياس، وفي طريقة القياس، وفي شروطه ومواده، بل وتكلم على الترجمة وعلى حال أرسطو ونازعهم حتى في حقيقة المنطق، وأنه آلة تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ، ومع هذا فابن تيمية لم ينقد كل المنطق، لأن المنطق ليس كله باطلًا، وهذا الكلام يوضحه ما سيأتي بعده.
الثالث: تنوع الجهات التي ينقد ابن تيمية منها المنطق، فإنه في نقده للمنطق حاول أن يستوعب الجهات التي يمكن نقد المنطق منها، فهو تارة ينقده لبطلانه، وتارة ينقده لعدم فائدته، وتارة ينقده لطول مقدماته، وتارة ينقده لاشتباه الحق فيه بالباطل، وتارة ينقده لعدم موافقته للغة العرب، وتارة ينقده لعدم موافقته للغاية من العلم في الشريعة، وتارة ينقده لعدم موافقته للفطر ولتعامل الناس في حياتهم , ولا تكاد توجد هذه الجهات مجموعة عند غير ابن تيمية
واجتماع هذه الجهات في نقد المنطق عند ابن تيمية أوجبت أمرين:
الأول: جعلته من أعدل الناس في نقده للمنطق فهو ينقد المنطق لا لأجل أنه منطق أو لأجل أنه علم دخيل، أو لأجل شخص أرسطو فحسب ..
والثاني: قوة في الحجة ووضوح في البيان وهذا بخلاف من نقد المنطق لكونه مدخلاً للفلسفة ومدخل الشر شر، أو لكون المنطق لم يعرفه الصحابة والتابعون والسلف الصالح، أو لأجل حدوث مصطلحاته، فابن تيمية يبين حجته في نقده ويوضح قوله لا لمجرد هذه الاعتبارات فقط.
¥