[تعقيبات و ملاحظات على كتاب تفسير بن باديس في "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير " ...]
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[11 - 08 - 08, 01:06 ص]ـ
تعقيبات و ملاحظات على كتاب تفسير بن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين، وبعد:
"فإن المسلمين بحاجة شديدة إلى معرفة معاني كتاب ربهم، لأن ذلك وسيلة للعمل به و الانتفاع بهديه، وقد قام أئمة الإسلام بهذه المهمة خير قيام، ففسروا كتاب الله معتمدين في ذلك على تفسير القرآن بالقرآن، ثم بسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-ثم على أقوال الصحابة و التابعين و أتباعهم من القرون المفضلة، وما تقتضيه اللغة التي أنزل بها، فجاءت تفاسيرهم نقية صافية من التأويلات الباطلة و الأهواء المضلة التي غالبا ما تشتمل عليها تفاسير من جاء بعدهم ممن لم يحذ حذوهم." [1]
وقد طبع منذ زمن (تفسير بن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) طبعة دار الفكر بتقديم الدكتور محمد البهي وطُبِعَ في الجزائر باسم (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) بتقديم الشيخ عبد الرحمن شيبان، ويظهر أن تفسيره اشتمل على أخطاء عقدية، وحيث أن الكتاب منتشر و يُرَوِّجُ له الكثير من الناس وقد يغتر بعضهم بما فيه من أخطاء، استعنت بالله -جل وعلا- في تدوين ما ظهر لي منها، وأن أنشرها للقراء نصحا لله و لكتابه ..
أسأل الله تعالى التوفيق و السداد ..
ملاحظات على كتاب (تفسير بن باديس)
[رده خبر الآحاد إذا خالف القطعي من القرآن]
1 - في صفحة (54) السطر (22):قال:"يرد خبر الواحد إذا خالف القطعي من القرآن".اهـ وقد بنى قوله على أساس أن أحاديث الآحاد ظنية لا تفيد العلم [2] كما في صفحة (142) من تفسيره و صفحة (161) من (مجالس التذكير من كلام البشير النذير) وهذا غلط لا شك فيه، وتبع فيه جمهور الأصوليين من متكلمي الأشاعرة؛ كابن جزي الكلبي المالكي [3] و ابن علي الجصاص الحنفي [4] والفخر بن خطيب الرازي [5]؛ لأن الاختلاف الكلي بين نص من القرآن أو السنة المتواترة مع الآحاد الصحيحة يندر وقوعه، وحتى لو احتيج إلى النسخ فلا مانع من القول به، ورفع الحكم السابق، عند تعذر الجمع، ولو كان السابق معلوماً بالضرورة، بعد تحقق ثبوت الخبر وتأخره. وقد وقع ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فعمل أهل قباء بخبر الواحد الذي نقل لهم نسخ القبلة الأولى، وهكذا أبو طلحة الأنصاري أتلف جرار الخمر، وأمر بإراقتها اعتماداً على خبر الذي نقل لهم تحريمها، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى- كما في (مذكرة أصول الفقه): " التحقيق الذي لا شك فيه هو جواز وقوع نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه والدليل الوقوع.
أما قولهم إن المتواتر أقوى من الآحاد والأقوى لا يرفع بما هو دونه فإنهم قد غطلوا فيه غلطاً عظيماً مع كثرتهم وعلمهم، وإيضاح ذلك أنه لا تعارض البتة بين خبرين مختلفي التاريخ لإمكان صدق كل منهما في وقته، وقد أجمع جميع النظار أنه لا يلزم التناقض بين القضيتين إلا إذا اتحد زمنهما، أما إن اختلفا فيجوز صدق كل منهما في وقتهما، فلو قلت: النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس، وقلت أيضاً: لم يصل إلى بيت المقدس، وعنيت بالأولى ما قبل النسخ، وبالثانية ما بعده لكانت كل منهما صادقة في وقتها.
ومثال نسخ القرآن بأخبار الآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه نسخ إباحة الحمر الأهلية - مثلاً -المنصوص عليها بالحصر الصريح في آية (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً …) (الأنعام 145)، بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها عنه لأن الآية من سورة الأنعام وهي مكية أي نازلة قبل الهجرة بلا خلاف، وتحريم الحمر الأهلية بالسنة واقع بعد ذلك في خيبر ولا منافاة البتة بين آية الأنعام المذكورة وأحاديث تحريم الحمر الأهلية لاختلاف زمنهما، فالآية وقت نزولها لم يكن محرماً إلا الأربعة المنصوصة فيها، وتحريم الحمر الأهلية طارئ بعد ذلك، والطروء ليس منافياً لما قبله، وإنما تحصل المنافاة بينهما لو كان في الآية ما يدل على نفي تحريم شيء في المستقبل غير الأربعة المذكورة في الآية، وهذا لم تتعرض له الآية بل الصيغة
¥