تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من سمى الله جسما من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته، فقد أصاب المعنى وأخطأ في التسمية فقط]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[05 - 08 - 08, 01:16 ص]ـ

الحمد لله رب العلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:

أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني الحنفي , من كبار علماء الأشاعرة ذكر له الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء (17

651) هذه المقولة:

"من سمى الله جسما من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته , فقد أصاب المعنى وأخطأ في التسمية فقط ".

أولا: إطلاق التجسيم على من أثبت الصفات الخبرية لله من إلزامات الأشاعرة وغيرهم من أهل التأويل لأهل السنة في إثباتهم الصفات.

قال ابن القيم رحمه الله: لما ذكر الأسباب التي تسهل على النفوس الجاهلية قبول التأويل:

السبب الثاني: أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب , وتنبو عنها الأسماع فيتخير له من الألفاظ أكرهها , وأبعدها وصولاً إلى القلوب وأشدها نفرة فكذلك أهل البدع والضلال منجميع الطوائف.

هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل فيسمون إثبات صفات الكمال لله تجسيماً وتشبيهاً وتمثيلاً , ويسمون إثبات الوجه واليدين تركيباً , ويسمون إثبات استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فوق سماواته تحيزاً وتجسيماً ويسمون العرش حيزاً.

"الصواعق" (2/ 438)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذه الألفاظ المحدثة المجملة النافية مثل لفظ المركب والمؤلف والمنقسم ونحو ذلك قد صار كل من أراد نفي شيء مما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات عبر بها عن مقصوده؛ فيتوهم من لا يعرف مراده أن المراد تنزيه الرب الذي ورد به القرآن , وهو إثبات أحديته وصمديته , ويكون قد أدخل في تلك الألفاظ ما رآه هو منفياً , وعبر عنه بتلك العبارة وضعاً له واصطلاحاً اصطلح عليه هو ومن وافقه على ذلك المذهب , وليس ذلك من لغة العرب التي نزل بها القرآن , ولا من لغة أحد من الأمم ثم يجعل ذلك المعنى هو مسمى الأحد والصمد والواحد , ونحو ذلك من الأسماء الموجودة في الكتاب والسنة , ويجعل ما نفاه من المعاني التي أثبتها الله ورسوله من تمام التوحيد.

"مجموع الفتاوى" (17/ 351)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسماً ومشبهاً , ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة من الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم.

"منهاج السنة " (2/ 105)

وقال ابن القيم رحمه الله

:" فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية فحدثت الطائفة السبعية - الأشاعرة - واشتقت قولا بين القولين فلا للسلف أثبتوا ولا مع الجهمية بقوا.

وقالت طائفة أخرى: ما لم يكن ظاهره جوارح وأبعاض كالعلم والحياة والقدرة والإرادة والكلام لا يتأول , وما كان ظاهره جوارح وأبعاض كالوجه واليدين والقدم والساق والإصبع؛ فإنه يتعين تأويله لاستلزام إثباته التركيب والتجسيم.

قال المثبتون: جوابنا لكم بعين الجواب الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات؛ فإنهم قالوا لكم لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلا للأعراض , ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم لو كان له وجه ويد وأصبع لزم التركيب والانقسام.

فما جوابكم لهؤلاء نجيبكم به!

فإن قلتم: نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضاً ولا نسميها أعراضاً فلا يستلزم تركيباً ولا تجسيماً.

قيل لكم: ونحن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه إذ نفيتموها أنتم على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح , ولا يسمى المتصف بها مركباً ولا جسماً ولا منقسماً.

"الصواعق" (1/ 226)

ثانيا:هذا القول من هذا العلم من أعلام الأشاعرة اعتراف منهم أن لفظ التجسيم يراد به معنى حق ويراد به معنى باطل , ومن أراد المعنى الحق فلا خطأ في قوله.

ثالثا: مع بيان أن أهل السنة لم يثبتوا هذا اللفظ لله تعالى " الجسمية " وإنما هي من إلزاماتهم لأهل السنة في إثبات الصفات , وقد قرر أهل السنة أن عقيدة أهل السنة في الألفاظ المجملة التي لم ترد في الكتاب والسنة التوقف فيها والاستفصال عن معناها.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: لفظ الجسم فيه إجمال قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت أو ما يقبل التفريق والانفصال أو المركب من مادة وصورة أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر المفردة.

والله تعالى منزه عن ذلك كله عن أن يكون كان متفرقاً؛ فاجتمع أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه.

و قد يراد بالجسم ما يشار إليه أو ما يرى أو ما تقوم به الصفات , والله تعالى يرى في الآخرة وتقوم به الصفات , ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم ووجوههم وأعينهم؛ فإذا أراد بقوله ليس بجسم هذا المعنى.

قيل له: هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول , وأنت لم تقم دليلا على نفيه.

وأما اللفظ فبدعة نفياً وإثباتاً.

"منهاج السنة" (2

134)

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير