تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ثناء النبي على معاوية من خلال قوله لا أشبع الله بطنه]

ـ[دمشقية]ــــــــ[06 - 09 - 08, 07:05 ص]ـ

لا أشبع الله بطنه

عن بن عباس قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله e فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه» (رواه مسلم2603).

أولا: السؤال: هل الدعاء بأن لا يشبع الله بطن معاوية دعاء عليه؟ لا أرى ذلك. فإن النبي ينهى عن الأكل حتى الشبع والتخمة.

ألا ترى أن النبي e نهى رجلا عن التجشؤ. فعن ابن عمر قال «تجشأ رجل عند النبي e فقال كف عنا جشاءكفإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة» رواه (الترمذي2/ 78 وابن ماجة رقم3350). وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة1/ 64 حديث رقم343).

وزاد في رواية «فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا». وفي لفظ آخر: «فما شبعت منذ ثلاثين سنة».

قال الطيبي «والنهي عن الجشاء هو النهي عن الشبع لأنه السبب الجالب له» (مرقاة المفاتيح9/ 389).

وقد روى عطية بن عامر الجهني قال سمعت سلمان – وأكرِهَ على طعام يأكله – فقال: حسبي، إني سمعت رسول الله e يقول: إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة».

رواه ابن أبي الدنيا من طريق سعيد بن محمد الثقفي عن موسى الجهني عن زيد بن وهب عن عطية .. » قال الشيخ الألباني: «الحديث جاء من طرق عمن ذكرنا من الصحابة وهي وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف، فإن بعضها ليس ضعفها شديدا، ولذلك فإني أرى أنه يرتقي بمجموعها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال» (سلسلة الصحيحة1/ 63).

وروى المقدام بن معدي كرب عن النبي e « ما ملأ آدمي وعاء شر من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» (الترمذي2/ 60 وابن حبان1349 والحاكم4/ 121 وأحمد في المسند4/ 132 وصححه الألباني في الإرواء7/ 41 حديث رقم1983).

فكيف يكون دعاء النبي ألا يشبع معاوية دعاء عليه؟ بل هو دعاء لمعاوية.

ثانيا: هذا الحديث مدرج عند مسلم تحت باب (من لعنه النبي r أو سبّه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة وأجرًا ورحمة).

ولذلك صدّر مسلم هذا الباب بقول النبي r : « اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لَعنتُه أو سببتُهُ فاجعله له زكاة وأجرًا» وفي رواية: «إنما محمد بشر، يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذتُ عندك عهدًا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيتُه أو سببتُهُ أو جلَدتُه فاجعلها له كفارة وقربة». والاطلاع على الأبواب التي اندرجت تحتها الأحاديث مهم في فقه الحديث.

ولذلك قال النووي: «وأما دعاؤه على معاوية أن لا يُشبع بطنه حين تأخر ففيه جوابان: أحدهما: أن المراء ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجبٌ له، فيظهر له r استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك. وهو r مأمورٌ بالحكم بالظاهر، والله يتولّى السرائر. الثاني: أن هذا ليس بمقصود وإنما هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نيّة، كقوله تَرِبَتْ يمينك و [ثكلتك أمك] وفي حديث معاوية: «لا أشبع الله بطنه» ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف r أن يصادف شيء من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورًا وأجرًا، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن r فاحشًا ولا متفحشًا ولا لعّانًا ولا منتقمًا لنفسه، وقد قالوا له: ادعُ على دَوس فقال: «اللهم اهد دوسًا» وقال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» [شرح النووي على مسلم 8/ 387 - 390] أ. ه‍

رحم الله النووي وحشره مع أصحاب رسوله r بما ذبّ عن أعراضهم. وقال بمثل ذلك ابن حجر الهيتمي في كتابه (تطهير الجنان ص37).

وإذا كان هذا موقفه r من قبيلة دوس وهم كفار: فما بالك بموقفه من المسلمين!

قال ابن حجر المكي: «وكان معاوية يكتب الوحي للنبي r وناهيك بهذه المرتبة الرفيعة» [تطهير الجنان 12].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير