أما الكلابية فانهم يقولون نحن نقول تقوم به الصفات ولا نقول هى أعراض فإن العرض لا يبقى زمانين وصفات الرب تبارك وتعالى عندنا باقية بخلاف الأعراض القائمة بالمخلوقات فإن الأعراض عندنا لا تبقى زمانين وأما جمهور العقلاء فنازعوهم في هذا قالوا بل السواد والبياض الذى كان موجودا من ساعة هو هذا السواد بعينه كما قد بسط فى غير هذا الموضع إذ المقصود هنا التنبيه على مقالات الطوائف في هذا الأصل. مجموع الفتاوى (5
537)
وقال رحمه الله: ونظير هذا أن يقول لو كان له علم وقدرة لكان محلا للأعراض وما كان محلا للأعراض فهو محل الآفات والعيوب فلا يكون قدوسا ولا سلاما لأن أهل اللغة قالوا العرض بالتحريك ما يعرض للإنسان من مرض ونحوه فلو جاز أن تقوم به هذه لكان تعالى وتقدس معيبا ناقصا وهو سبحانه مقدس عن ذلك إذ هو السلام القدوس.
فيقال لفظ العرض مشترك بين ما ذكر من معناه في اللغة وبين معناه في عرف أهل الكلام فإن معناه عند من يسمى العلم والقدرة والحركة والسكون ونحو ذلك
وآخرون يقولون هو ما لا يبقى زمانين ويقولون إن صفات الخالق باقية بخلاف ما يقوم بالمخلوقات من الصفات فإنها لا تبقى زمانين
والمقصود هنا أنه إذا قال لو قام به العلم والقدرة لكان عرضا وما قام به العرض قامت به الآفات كلام فيه تلبيس فإن إحدى المقدمتين باطلة
فإن لفظ العرض إن فسر بالصفة فالمقدمة الثانية باطلة
وإن فسر بما يعرض للإنسان من المرض ونحوه فالمقدمة الأولى باطلة ونظير ذلك أن يقول لو كان قد استوى على العرش لكان قد أحدث حدثا وقامت به الحوادث لأن الاستواء فعل حادث كان بعد أن لم يكن فلو قام به الاستواء لقامت به الحوادث ومن قامت به الحوادث فقد أحدث حدثا والله تعالى منزه عن ذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا.ولقوله صلى الله عليه وسلم:وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة.
مجموع الفتاوى (5
216)
بيان مخالفة هذه القاعدة للمحسوس والمعقول والمنقول والرد عليها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قال الجمهور وأما تفريق الكلابية بين المعانى التى لا تتعلق بمشيئته وقدرته والمعاني التي تتعلق بمشيئته وقدرته التي تسمى الحوادث ومنهم من يسمى الصفات أعراضا لأن العرض لا يبقي زمانين فيقال قول القائل أن العرض الذى هو السواد والبياض والطول والقصر ونحو ذلك لا يبقى زمانين قول محدث فى الإسلام لم يقله أحد من السلف والأئمة وهو قول مخالف لما عليه جماهير العقلاء من جميع الطوائف بل من الناس من يقول أنه معلوم الفساد بالاضطرار كما قد بسط فى موضع آخر.
وأما تسمية المسمي للصفات أعراضا فهذا أمر اصطلاحي لمن قاله من أهل الكلام ليس هو عرف أهل اللغة ولا عرف سائر أهل العلم والحقائق المعلومة بالسمع والعقل لا يؤثر فيها اختلاف الاصطلاحات بل يعد هذا من النزاعات اللفظية والنزاعات اللفظية أصوبها ما وافق لغة القرآن والرسول والسلف فما نطق به الرسول والصحابة جاز النطق به باتفاق المسلمين وما لم ينطقوا به ففيه نزاع وتفصيل ليس هذا موضعه.
مجموع الفتاوى (12
319)
وقال: و كذلك الذين قالوا بأن العرض لا يبقى زمانين خالفوا الحس و ما يعلمه العقلاء بضرورة عقولهم فإن كل أحد يعلم أن لون جسده الذي كان لحظة هو هذا اللون و كذلك لون السماء و الجبال و الخشب و الورق و غير ذلك.
و مما ألجأهم إلى هذا ظنهم أنهما لو كانا باقيين لم يمكن إعدامهما ...
مجموع الفتاوى (16
275)
وقال ابن القيم رحمه الله: قال المثبتون جوابنا لكم بعين الجواب الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات فإنهم قالوا لكم لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلا للأعراض ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم لو كان له وجه ويد وإصبع لزم التركيب والانقسام فحينئذ فما هو جوابكم لهؤلاء نجيبكم به.
فإن قلتم نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضا ولا نسميها أعراضا فلا يستلزم تركيبا ولا تجسيما
قيل لكم ونحن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه إذ نفيتموها أنتم عنه على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح ولا يسمى المتصف بها مركبا ولا جسما ولا منقسما
فإن قلتم:هذه لا يعقل منها إلا الأجزاء والأبعاض.
قلنا لكم وتلك لا يعقل منها إلا الأعراض.
¥