تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسنورد نماذج من أقوالهم – من كتبهم – توضح ما ذكرناه آنفاً، وتبين أن توحيد الربوبية هو مقصودهم، وأن مخالفة ومناقضة هذا التوحيد هي الكفر – فقط -، ولو وقع أحدهم في بعض أنواع المكفرات – المخرجة عن دين الإسلام – كمن ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو استغاث ودعا المخلوقين – فيما لا يقدر عليه إلا الله -، فإنه لا يعتبر بفعلها مرتداً، ما دام أنه يعتقد أن المؤثر في هذا الكون هو الله وحده …

ثم نورد نماذج أخرى من أقوالهم في تجويز تلك المكفرات – أو جعلها معاصي دون الكفر المخرج عن الملّة – مثل الذبح لغير الله والنذر لغير الله والدعاء والاستغاثة بغير الله، وإنكارهم على أئمة الدعوة خلاف ذلك، وعقب ذلك، نذكر الرد والبيان من كلام الأئمة الأعلام أتباع هذه الدعوة السلفية على تلك الدعاوى.

يقرر ابن عفالق معنى التوحيد – عنهم – فيقول:

(التوحيد إفراد القديم من المحدث، وإفراده بالربوبية والوحدانية، ومبيانته تعالى لجميع مخلوقاته …). (2)

وينكر القباني إقرار المشركين الأولين بتوحيد الربوبية، لكي يدافع عن مشركي زمانه ممن يستغيث بغير الله – فيما لا يقدر عليه إلا الله – فيقول:

(فهل سمعت عن أحد من المستغيثين أنه يعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم، أو في الولي المستغاث به أنه إله مع الله تعالى يضر وينفع، ويشفع بذاته كما يعتقد المشركون فيمن عبدوه .. ). (3)

ويدعي محمد بن عبد المجيد نفس الدعوى السابقة، وأن مشركي العرب لم يقروا بربوبية الله، فيقول:

(إنما كفر أهل الجاهلية بعبادة الأصنام لتضمنها اعتقادهم ثبوت شيء من صفات الربوبية لها … - ثم يقول – ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم؛ لأن صفاته تعالى تجب لها الوحدانية بمعنى عدم وجود نظير لها إلا قائم بذاته تعالى ولا بذات أخرى). (4)

فإذا كان مشركو العرب منكرين لشيء من صفات الربوبية – على حد زعمه – (فأين هذا ممن يستغيث من المسلمين بنبي أو ولي معتقداً أنه لا يملك نفعاً ولا ضراً). (5)

ويدافع (الحداد) عن أتباعه – من عبّاد القبور – فيقول:

( .. هؤلاء مهما عظموا الأنبياء والأولياء فإنهم لا يعتقدون فيهم ما يعتقدون في جناب الحق تبارك وتعالى من الخلق الحقيقي التام العام، وإنما يعتقدون الوجاهة لهم عند الله في أمر جزئي، وينسبونه لهم مجازاً، ويعتقدون أن الأصل والفعل لله سبحانه). (1)

ويقرر (دحلان) أن الشرك هو اعتقاد التأثير لغير الله، وليس هناك مسلم يعتقد التأثير لغير الله، يقول:

(فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله سبحانه، أو اعتقاد التأثير لغير الله). (2)

ثم يقول: (ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى، ولا تأثير أحد سوى الله تعالى .. ). (3)

ويؤكد (الزهاوي) أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون لأصنامهم أنها تنفع وتضر بذواتها فيقول: (إن المشركين إنما كفروا بسبب اعتقادهم في الملائكة والأنبياء والأولياء أنهم آلهة مع الله يضرون وينفعون بذواتهم). (4)

ويحاول (العاملي) أن يثبت – بلا دليل – أن مشركي العرب ينكرون ربوبية الله، وأن يرد على ما قرره الشيخ الإمام – بالأدلة والبراهين في رسالتيه: (كشف الشبهات)، و (أربع قواعد) – بأن مشركي العرب معترفون بربوبية الله، فيقول – في دفاع هزيل عن أتباعه المشاركين لهؤلاء المشركين في الإقرار بتوحيد الربوبية فقط -: (لا شيء يدلنا على أنهم – أي مشركي العرب – لا يعتقدون في الأصنام والأوثان ومعبوداتهم. أنه لا تأثير لها في الكون، وأن التأثير وحده لله تعالى وهي شافعة فقط، إذ يجوز أن يعتقدوا أن لها تأثير بنفسها بغير ما في الآيات المستشهد بها، فتشفي المرض وتكشف الضر .. ). (5)

ويقرر الشطي أن الشرك الأكبر هو – فقط -: (عبادة الأوثان والأصنام) (6)، ويذكر حكاية لجده، فقال:

(ومرة دخل جدي جامع بني أمية في الشام، فسمع عجوزاً تقول:

يا سيدي يحيى عاف لي بنتي، فوجد هذا اللفظ بظاهره مشكلاً، وغير لائق بالأدب الإلهي، فأمرها بالمعروف، وقال لها: يا أختي قولي بجاه سيدي يحيى عاف لي بنتي، فقالت له: أعرف أعرف، ولكن هو أقرب مني إلى الله تعالى، فأفصحت عن صحة عقيدتها من أن الفعال هو الله تعالى، وإنما صدر هذا القول منها على وجه التوسل والتوسط إلى الله تعالى، بحصول مطلوبها منه .. ) (7).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير