•بمقارنة منهج الشافعية في هذا الباب مع منهج الحنفية فيه: يتبين أن منهج الشافعية يتسم بالدقة وعدم التسرع في التكفير، وكذلك بضبط الباب بالضوابط المستنبطة من الأدلة الشرعية.
•من مظاهر عنايتهم بهذا الباب: أنهم ألفوا فيه مؤلفات مستقلة، وأوسعها كتاب الهيتمي (الإعلام بقواطع الإسلام)، وقد جمع فيه أقوال المذاهب الأربعة في هذا الباب.
•من أبرز مظاهر عناية الشافعية بذكر نواقض الإيمان هو عنايتهم بهذا الباب في كتب الفقه، فلا يكاد يخلو كتاب من كتبهم الفقهية من ذكر نواقض الإيمان، وهم يذكرون ذلك في كتاب الردة، كغيرهم من أصحاب المذاهب.
•برزت شخصيتان منهم في الباب أكثر من غيرهم، وهما: أبو القاسم عبدالكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت 623هـ)، والإمام محيي الدين ابن شرف النووي (ت676هـ).
•بيانهم لنواقض الإيمان في كتب العقائد والفنون الأخرى لم يكن في التفصيل والبيان كتفصيلهم وبيانهم لها في كتب الفقه، فما ذكروه في كتب الفقه هو المصدر الرئيس لمباحث نواقض الإيمان من حيث الجملة.
•الكفرُ عدم الإيمان، وهو عند كل طائفة يقابل ما فُسِّرَ به الإيمان، والصحيح الذي قرره أئمة السنة وكثير من علماء الشافعية: أنه يكون بالقول والعمل والاعتقاد.
•تأثر كثير من الشافعية المتأخرين بالمتكلمين، فحصروا الكفر على التكذيب القلبي، وهذا لا دليل عليه من الكتاب والسنة، بل الأدلة على خلافه، وهو مذهب جهم في الأصل، إلا أنه اعتمده الأشاعرة والماتريدية أيضاً.
•الكفر ينقسم باعتبارات متنوعةٍ إلى أقسام عديدة، وقد بينتُها في موضعه.
•المكفرات هي: اعتقادات، أو أقوال، أو أعمال تضاد الإسلام أو الإيمان، وهي على ثلاثة أقسام: اعتقادية، وقولية، وفعلية.
•الشرك نوع من أنواع الكفر، وهو أن يجمع مع الله غيره فيما لا يجوز إلا الله، وحقيقته هو ما يضاد توحيد الألوهية، وقد قرره كثير من علماء الشافعية أيضاً، إلا أن المتأخرين منهم قد انحرفوا فيه، واعتقدوا أن حقيقة الشرك هو الشرك في الربوبية، وهذا خطأ لا دليل عليه.
•الشرك ينقسم إلى نوعين: أكبر، وأصغر، وكلاهما ينقسمان إلى أقسام عديدة بينتها في موضعها.
•النفاق كالكفر ينقسم إلى قسمين، وقد استعرضتُ ذلك في موضعه.
•البدعة شرعاً: هي التي أحدثت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل التقرب إلى الله تعالى، ولم يكن قد فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أمر بها، ولا أقر بها، ولا فعلها الصحابة رضي الله عنهم، ولها أنواع تقدم ذكرها في بابها.
•ذكر بعض الشافعية أن البدعة تنقسم إلى حسنةٍ وسيئة، وهذا خطأ بينه كثير من علماء الشافعية أنفسهم.
•ذكر بعض الشافعية أن البدعة تنقسم إلى أقسام الأحكام الخمسة، وهذا باطل فنّده غيرهم من العلماء.
•كان لعامة علماء الشافعية موقف واضح من طرق أهل البدع والضلال في باب نواقض الإيمان، كالخوارج، والمعتزلة، والمرجئة، والرافضة، وقد تقدم تفصيله في موضعه.
•اجتهدتُ في صياغة قواعد المكفرات عند الشافعية مستوحيةً من أقوالهم وتطبيقاتهم، وهذا وإن كنت لم أسبق إليه من حيث الجملة: إلا أنني اجتهدت فيه قدر المستطاع، وقد وصلت في ذلك إلى نتائج مهمة يجب مراعاتها في هذا الباب.
•باب التكفير خطير جداً لا ينبغي أن يلجه كل من هبَّ ودبّ، ولا ينبغي أن يتكلم فيه إلا العلماء المؤهلون لذلك.
•بين علماء الشافعية أن هناك ضوابط محددة في تكفير المعين لا بد من مراعاتها، كما أن هناك موانع تمنع إطلاق الكفر على المعين، فلا بد من مراعاتها أيضاً.
•بينتُ ما ذكره علماء الشافعية من المكفرات في حقيقة الإيمان ومسماه، وكذلك في أنواع التوحيد الثلاثة، وكذلك في بقية أبواب الإيمان.
•عقدتُ الفصل الأخير –وهو الحادي عشر- لبيان أثر أشهر البدع في بعض المتأخرين من علماء الشافعية، وهي: الإرجاء، والتعطيل، والتصوف، وقد بينت عظم خطر هذه البدع، وعظم أثرها في المتأخرين من علماء الشافعية، وأن الأثر كان –في بعض الأحيان- في الصميم، وأنه أوصل الأمر إلى أن ينقلب الوضع على المتأثرين بهذه البدع، حيث عدّوا بعض ما هو من صميم الإيمان: عدوه من نواقض الإيمان، وهذا يوجب شدة الحذر من البدع، وأن أثرها لا يتوقف عند حد.
•من أوضح آثار الإرجاء والتعطيل: ما قد ساد في المتأخرين من حصر الكفر والإيمان على ما يحصل بالقلب فقط، دون اعتبار بقية المكفرات، كما حصل مثل ذلك في مفهوم الشرك، وقد بينت ذلك في موضعه.
•كما تأثر كثير من المتأخرين منهم بالتصوف ودافعوا عن القائلين بالحلول ووحدة الوجود.
•حاولت التفصيل في بيان أثر هذه البدع على الشافعية؛ لأن هذا من أهم ما يجب بيانه في هذا الباب، حتى يتميز الحق من الباطل، ويكون القارئ على بينة مما قد يدسه أهل البدع من الشافعية وغيرهم في هذا الباب الخطير.
•وأختم هذه الخاتمة باقتراح أتوجه به إلى العلماء عموماً، وإلى المختصين في العقيدة خصوصاً، وهو: أنه يجب إبراز هذا الجانب عند جميع أصحاب المذاهب الأربعة، مع بيان ما تأثروا به من البدع، فهذا يُسهم في إبراز هذا الجانب من ناحية، وفي تنقية تراثهم من ناحية أخرى.
هذا وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميع، والحمد لله رب العالمين).
¥