تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هكذا يذكر الرازي هذه الحقيقة ناصعة واضحة، ولكن هل استسلم لها، أم استسلم لبدعه التي قادته إلى إنكار هذه الحقيقة؟ الجواب: إنه آثر الإنكار، وقد جانب الصواب حينما سمى هذه الحقيقة شبهة، فقال جواباً عليها: (الجواب عن الشبهة السابقة: هو أن الدعوة للخلق إلى الحق يجب أن تكون واقعة على أحسن الوجوه، وأقربها إلى الصلاح. ولما كان التصريح بالتنزيه مما لا تقبله عقول العوام: لا جرم كان الأولى اشتمال الدعوة على ألفاظ توهم التشبيه، مع التنبيه على كلمات تدل على التنزيه المطلق!! وفي كلام الرازي أمور كثيرة تحتاج إلى وقفة، ولكن الذي يهمني هنا: أنه اعترف بالحق، وعرضه على أحسن وجه، ولكنه مع ذلك رجح الباطل، فقد اعترف بكون فِطَرِ بني آدم التي سلمت عن أهواء المتكلمين والفلاسفة، وكذلك الملل السماوية كلها: تخالف ما عليه هذه الشرذمة من نفي علو الله تعالى، ووصفه بما يوجب العدم، كما اعترف بأن النصوص المثبتة للعلو تفوق الحصر، وأن ما يخالف ذلك لم يرد في النصوص ولا مرة واحدة).

الخاتمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

فهذه أهم النتائج التي توصلتُ إليها في البحث، وهي أهم ما تضمنته هذه الرسالة:

•الشافعية هم المنتسبون إلى الإمام الشافعي رحمه الله وهو علم من أعلام السلف، نشأ في وقتٍ كانت فرق أهل البدع تتوالى في الظهور، وأبرز الفرق التي ظهرت في زمنه رحمه الله هي فرقة المتكلمين، وعلى رأسهم المعتزلة.

•أسهم الإمام الشافعي رحمه الله في نشر السنة والذب عنها والرد على أهل البدع عموماً، وعلى أهل الكلام خصوصاً.

•مضى أصحاب الإمام الشافعي الأوائل على منهجه في الرد على المتكلمين وغيرهم من فرق أهل البدع، وكان المذهب الشافعي من المذاهب المتميزة في الحفاظ على السنة والذود عن حياضها، والرد على أهل البدع والزيغ والضلال.

•استمر حال المذهب الشافعي على ذلك إلى أن ظهر أبو الحسن الأشعري (ت324هـ) الذي ينتسب إلى الإمام الشافعي في الفقه وكان من أشهر المتكلمين في وقته، وقد سلك طريقة ابن كلاب في الاعتقاد، التي تحاول التوسط بين مذهب السلف وبين مذهب المعتزلة، وكان لظهور الأشعري أثره السيء على أتباع المذهب الشافعي، حيث بدأ كثيرٌ منهم يقلدون الأشعري في الأصول، مع كونهم ينتسبون إلى الشافعي في الفروع، فاختلطت بذلك بعضُ معالم المذهب الشافعي.

•ازداد الأمرُ سوءاً عند متأخري الشافعية، حيث صرح كثير منهم بأن تعلم علم الكلام واجب على المكلف.

•كما أن المتأخرين قد دخل فيهم التصوف، إضافةً إلى بدع الكلام، فازداد الأمر سوءاً أكثر من الأول، وكثر في الشافعية المتأخرين البدع العلمية والعملية.

•ومع ذلك: فقد بقي في الشافعية من التزم منهج الإمام الشافعية في الأصول والفروع، منددين بمن نسب إليه شيئاً من بدع الكلام وغيره.

•مع كل ما سبق: كان لعلماء الشافعية جهود متميزة في بيان نواقض الإيمان، وهذا الباب هو الذي أبرزته في هذه الرسالة، مع بيان ما قد يكون في مواقفهم من انحراف عن الجادة والصواب.

•نواقض الإيمان هي اعتقادات أو أقوال أو فعال تزيل الإيمان وتقطعه أو تنقصه.

•الصحيح هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وقد قرره كثير من أئمة الشافعية سوى من تأثر بعلم الكلام منهم، فإنهم خالفوا في ذلك.

•ما ذهب إليه المتأخرون من الشافعية من أن الإيمان هو التصديق فقط، أو التصديق مع الإقرار، وأن العمل ليس من الإيمان: لا يمثل مذهب الإمام الشافعي وأئمة أصحابه، وهو من بدع المتكلمين التي تسربت إلى أتباع الأئمة الأربعة، وانتشرت في الآفاق، حتى بدأت تُنسب إلى الأئمة أنفسهم زوراً وبهتاناً.

•بيان نواقض الإيمان والتوحيد هو من تمام توضيح الإيمان والتوحيد، ومن هذا الباب كان عناية العلماء بهذا الباب العظيم.

•أكثر من عُني بالبحث في موضوع نواقض الإيمان هم الحنفية، وقد اعترف بذلك عدد من علماء الشافعية أنفسهم.

•عناية علماء الشافعية ببيان نواقض الإيمان كبير أيضاً، إلا أن اهتمام متقدميهم لم يكن مثل اهتمام متقدمي الحنفية، أما المتأخرون من الشافعية: فعنايتهم بهذا الباب لا يقل عن نظرائهم الحنفية، إن لم يكن يفوقهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير