وإني لم أسق كلام البيهقي، رحمه الله، لتقريره، فإني على علم بمذهبه، وإنما يتبين ما في أسلوب القحطاني من إساءة في حق السلف، ترفع عنها بعض المنتسبين إلى المذهب الأشعري الكلابي.
فالبيهقي لم يجزم ببطلان الأثر، مع ضعف إسناده عنده، ولم يجزم بأنه من حديث بني إسرائيل، وإنما أورده على الاحتمال، فقال: "يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع بيده من تلك الكتب"، ثم اشتغل بتأويله كعادته، تبعاً لمذهبه في ذلك.
(انتهى النقل من كتاب الشيخ سمير المالكي حفظه الله)
السؤال، لم أفهم هذا الأثر، إذ كيف يكون صفة من صفات الله مادة لمخلوق أو تحولت فصارت أصل مخلوق من المخلوقات؟ وأنا لا أطعن في أحد، لا الإمام عبد الله بن أحمد ولا الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو، لكن أريد فهم الأثر كما ينبغي أن يفهم من غير تأويل ولا إدعاء أن له معنى مجازي.
يوجد أثر ذكره ابن القيم في كتاب حادي الأرواح فقال:
وقال احمد بن ابي الحواري حدثني جعفر بن محمد قال لقي حكيم حكيما فقال اتشتاق إلى الحور العين فقال لا فقال فاشتق اليهن فان نور وجههن من نور الله عز وجل فغشي عليه فحمل إلى منزله نعوده شهرا.
لا أدري إذا كان هذا الأثر له معنى متعلق بأثر عبد الله بن مسعود السابق أو أثر عبد الله بن عمرو.
3) في حديث الشفاعة الطويل لفظ "ثم يأتيهم في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ثم يأتيهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا"
قرأت في كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية "بيان تلبيس الجهمية" رد على من أوّل هذا الحديث (منهم في ما أذكر الدارمي) على أن الصورة الأولى هو بتغيير أعين الناظرين لا صورة صفة لله.
قال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله في الصارم المنكي:
وما ذكر من أمر جبير وتمثل بعضه للنبي- صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية، أمر لم يدل على عقل ولا شرع، فلا يجوز المصير إليه بمجرد الرأي،ـ بل الذي كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية هو جبريل حقيقة، ولعظيم مرتبته وعلو منزلته أقدره الله تعالى على أن يتحول من صورة إلى صورة، ومن حال إلى حال، فيرى مرة كبيراً، ومرة صغيراً كما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى في السموات والأرض.وقد دل العقل والنقل على قيام الأفعال الاختيارية به فهو الفاعل المختار بفعل ما يشاء ويختار، ذو القدرة التامة والحكمة البالغة والكمال المطلق، وقد ثبت في الصحيح أنه يتحول من صورة إلى صورة وثبت أنه يتبدى لهم في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة ثم يعود في الصورة التي رأوه فيها أول مرة. وهذا كله حق لأن الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى قد أخبر به،وليس في العقل ما ينفيه، بل جميع ما أمر به صاحب الشرع يوافقه العقل الصحيح ويؤيده وينصره ولا يخالفه أصلاً.
(انتهى كلام الحافظ ابن عبد الهادي)
السؤال: لم أفهم بالضبط المراد، فهل الصورتين صفتين لله؟ وهل لو قلت: الصورة الأولى هي بغضب ومن غير ضحك ومن غير كشف عن ساق، والثانية مع ما ذكرت، هل لو قلت ذلك لكنت متأولا للحديث؟
4) حديث العظمة إزاري والكبرياء ردائي، وحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه في منامه عليه نعلين (لو قلنا أن الصورة الذي رأها هي صورة حقيقية لله) أو غير ذلك، فالذي لا أفهمه كيف الجمع بين ذلك وبين كبرياء وعظمة الله وأن لا شيء من مخلوقاته يمكن أن يحيطه ولو يسيرا؟
قال الشيخ سمير المالكي في كتابه بيان الوهم والإيهام في حديث "الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل، وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع":
قال الشيخ سمير: وأما المتن فقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى [16/ 435 - 438] أن أكثر أهل السنة قبلوه، وله شواهد، وإنما حصل الاختلاف في قوله: "فما يفضل منه إلا قيد أربع أصابع" وهذا يخالف اللفظ الآخر "فما يفضل منه مقدار أربع أصابع" وهو لفظ ابن جرير، وقد رجحه شيخ الإسلام، وأبطل اللفظ الأول وعلل ذلك بأنه "يقتضي أن يكون العرش أعظم من الرب وأكبر."
(انتهى كلام الشيخ سمير)
¥