تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم لهم فألقوا السلاح وبكوا، وعانق الرجال بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس، فأنزل الله تعالى هذه الآيات التي تبدأ بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ* وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:100: 102].

حيث دلت هذه الآيات على ما يأتي:

1 - أن أعداء الإسلام من الكفرة يبذلون كل جهودهم لتفريق الأمة الإسلامية وأنهم وراء ذلك، وبالأخص الصهاينة والصليبيون، والاستعمار الذي رفع شعار "فرق تسد".

2 - أن اتباع هؤلاء الأعداء وطاعتهم في ذلك كفر يردكم بعد إيمانكم كافرين وهذا أعظم هجوم على التفرق، وبالأخص إذا كان بسبب التبعية لأهل الكفر، حيث سماه الله تعالى كفرا.

3 - هناك علامة تعجب واستغراب لمن يتفرق عن الجماعة المسلمة ويكفر مع وجود القرآن الكريم، والرسول في حال حياته، وسنته في حالة موته، وهذا يعني أن سبيل هذه الأمة هو اتباع الكتاب والسنة المطهرة، وأن طريق الوحدة ميسور إذا توافرت الإرادة والعزيمة، حيث إن أسباب وحدة المسلمين ما زالت قائمة.

وأما السنة النبوية فمنها ما رواه الشيخان بسندهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية".

ومنها ما رواه الشيخان أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام". والأحاديث في ذلك أكثر من أن نذكرها هنا.

هذا هو الاختلاف المذموم الذي يخالف الثوابت والقواطع، وهو الخلاف الذي يكون في أصول الدين وثوابته، أو الذي يوجب البغضاء والمنكر والتفرقة.

أما الخلاف المشروع فهو الخلاف في الفروع لا في الأصول، وفي الوسائل لا المقاصد، وفي الآليات لا الغايات، وفي تنوع السبل إلى الخير لا في الأهداف العامة للشريعة، وفي المناهج العملية، والآليات والأولويات، لا في المرجعية والمنهجية العلمية العامة، فهذا الاختلاف مقبول ومشروع وطبيعي جدا، وهو من الدين وليس خارجا عنه.

اختلاف تنوع لا تضاد

بما أن الثوابت متفق عليها بين جميع المسلمين فإن اختلافهم إذا كان نابعا عن الاجتهاد المنضبط فهو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وقد جعل الشاطبي الاختلاف الذي يؤدي إلى الفرقة والتباغض من علامات كونه اختلافا نابعا من الهوى، غير مقبول في الإسلام حيث يقول: "ومن هنا يظهر وجه الموالاة والتحاب والتعاطف فيما بين المختلفين في مسائل الاجتهاد، حتى لم يصيروا شيعا، ولا تفرقوا فرقا، لأنهم مجتمعون على طلب قصد الشارع، فاختلاف الطرق غير مؤثر".

ثم قال: "وبهذا يظهر أن الخلاف الذي هو في حقيقته خلاف ناشئ عن الهوى المضل، لا عن تحري قصد الشارع باتباع الأدلة على الجملة والتفصيل، وهو الصادر عن أهل الأهواء، وإذا دخل الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصا على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدى إلى الفرقة والعداوة والبغضاء، لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها، وإنما جاء الشرع لحسم مادة الهوى بإطلاق".

ومن المعلوم أن هذه الاختلافات الفقهية الكثيرة داخل الفقه الإسلامي دليل على يُسر الشريعة وسعتها ومرونتها وعظمتها، لأن نصوصها استوعبت كل هذه الخلافات مرونة ورفعا للحرج.

بل الخلافات الفقهية والفكرية والسياسية ضرورية ما دام الاجتهاد مشروعا، فتكون الخلافات الفقهية ناتجة من ذلك فهي تدور معه وجودا وعدما، لاختلاف العقول والتصورات والأعراف والتأثيرات الخارجية والداخلية .. ومن هنا فالمسلمون عندما يكون لديهم هذا الوعي فإن الاختلاف لا يؤدي إلى التباغض.


أستاذ ورئيس قسم الفقه والأصول بجامعة قطر والخبير بمجمع الفقه الإسلامي، بمكة المكرمة، وجدة وعضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث
*نقلا عن" الملتقى" بتصرف
منقول: http://www.islamonline.net/servlet/S...ah%2FSRALayout

ـ[أبي عبدالله الأثري المديني]ــــــــ[15 - 12 - 08, 07:38 ص]ـ
أحسنتم أخي الكريم

ولكن هذه لا تأتي ضمن ما يردد البعض كما أشرت،والا فالشيخ القرة داغي أتى على موضوع قد كرره الكثير غيره وهو أجاد فيه رعاه الله تعالى،وقد أستثنيت له للأمام في موضوعي أعلاه ...

وللعلم رأيت للشيخ القرة داغي بالأمس رسالة خاصة لمكتب شيخنا د. عبدالله الانصاري رعاه الله تعالى،والشيخ الأنصاري له علاقة ود واحترام مع فضيلة الشيخ القرة داغي رعاه الله تعالى.وبالتالي فأنا أحمل للشيخ مثل ذلك وأشكر جهوده في المعاملات المالية بالتحديد.

لكم وافر تقديري والاحترام.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير