تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[24 - 12 - 08, 12:45 م]ـ

بارك الله فيك, واصل فوالله إن في هذه الكتابات لنصرة للدين ...

ـ[أحمد عبد الغفار]ــــــــ[30 - 12 - 08, 01:59 م]ـ

لا فض الله فاك

زدنا زادك الله علما

وحيا الله القلم وأناملا أوردته مثل موردك

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[30 - 12 - 08, 06:38 م]ـ

5 - إنهم "لا يناظِرون ولا يناظَرون"!!

ليس من اليسير توحيد أهل الحديث والأشعرية تحت اسم "أهل السنة والجماعة"، فتنافر الفريقين من الشدة بحيث تستعصى أي مداهنة أو مهادنة ..

إن الاختلاف منهجي في الأساس، ودعوى أن الأشعرية أقرب الفرق إلى أهل الحديث هو فقط بالنظر إلى مفردات العقيدة،ولا شك أن الاتفاق في بعضها لا أهمية له مادامت تلك المفردات متفرعة عن أصول متعارضة .. ويحسن بنا هنا أن نشير باختزال شديد إلى هذا التعارض:

يمكن تلخيص منهج أهل الحديث في كلمتين:

"التعلم- والتعليم"

ويمكن تلخيص منهج المتكلمين (أشاعرة وغيرهم) في كلمتين:

"النظر- والمناظرة"

فيكون الاختلاف في المبتدأ والمنتهى ...

فمصدر المعلومة عند أهل الحديث هو" التعلم" وطريقة نقلها وإذاعتها بين الناس هو "التعليم" ... ولو تتبعت سيرة أي محدث لوجدتها تتكون من المرحلتين: مرحلة التعلم و هي مرحلة الرحلة في طلب العلم،والبحث عن الشيوخ،وحفظ النصوص ... ثم مرحلة الجلوس لتعليم الناس ونشر ما أخذه في أيام الطلب ...

وعمدتهم في قبول المعلومة ليس" الجدال "عليها،كما هو حال المتكلمين بل "الثقة" في مصدرها ...

وهذا المنهج هو بعينه المنهج النبوي:

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى الوحي بواسطة"أمين" ويبلغه الناس فيقبلون تبليغه لأنه "أمين" ... وتجد القرآن يكرر هذا المعنى ليؤكد الأمانة في الوسيط والمبلغ:

فجبريل الوسيط أمين:

{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} الشعراء193

{مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} التكوير21

والرسل المبلغون أمناء:

{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} الأعراف68

{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} الشعراء107

{أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} الدخان18

إن الاستدلال عند أهل الحديث مبني على معنى "الثقة" اللازمة للأمانة .. فقياسهم الكلي يكون على الشكل التالي:

-هذا الخبر قاله فلان

-فلان ثقة

-إذن،يقبل خبره

ولهذا أسسوا العلم الذي انفردوا به عن سائر الأمم هو "علم الرجال"وهذا العلم ليس فرعا من علم الأخلاق -كما قد يتوهم من مصطلحاتهم مثل العدالة الجرح الكذب التدليس الخ-بل هو أساس "علم منطق أهل الحديث" لأن الغاية من هذا العلم هم إثبات الحد الأوسط في قياسهم الكلي!!

إن" الاطمئنان إلى الثقة" يتنافى مع منهج المناظرة .. فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يناظر جبريل لقبول الخبر .. !!!

وهل كان الصحابة يناظرون النبي صلى الله عليه وسلم لقبول الوحي!!!

بل إن المتتبع لأحوال النبي والصحابة ليدرك كيف أن الشريعة كانت تؤكد مبدأ الثقة في المبلغ.وقد تمهد ذلك في مرحلة ما قبل الوحي نفسه، فقد كان محمد بن عبد الله- وهو لم يرسل بعد-معروفا عند قومه ب"الصادق الأمين" .. فكأن الحكمة هي تقرير "الحد الأوسط" لقريش لقبول العلم دون حاجة إلى إضاعة الوقت في الخصومات واللجاج ...

فالوحي يأتي بأمور كثيرة جدا فلا يعقل أن تكون هناك مناظرة على كل مفردة على حدة .. فالصواب في العقل أن يكون هناك استدلال إجمالي به يثبت ما لا ينحصر:

"الرسول ثقة

يقبل خبره إذن"

بل تجد في الشريعة ما من شأنه سد الذريعة لمنهج المناظرات ... مثل النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، والتحذير من إكثار الأسئلة، ووجوب الطاعة بمجرد سماع قول النبي، والتنديد بالاختلاف ...

وقد سار المتشبعون بهذا النهج النبوي على الهدى نفسه .. فأنت واجد بلا شك التحذير من الجدال في كل بياناتهم العقدية:

- "أو كلما جاء رجل أجدل من الآخر رد ما أنزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم"!! (مالك إمام دار الهجرة)

- "وترك الجدال والمراء والخصومة في الدين، ولزم مجانبة أهل البدع، والاتباع، وترك الابتداع، فقد كفانا علم من مضى من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش عن ذكرهم، من مذاهب أهل البدع والضلالات، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه" .. (محمد بن الحسين)

- "ويتقون الجدال في الدين والخصومات فيه " (أبو عثمان الصابوني)

- "ويرون ترك الخصومات والمراء في القرآن وغيره، لقول الله عز وجل: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} " (أبو بكر الإسماعيلي)

- "كان يصلي في خلافته في كل يوم مئة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكى على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيما إذا وعظ" (أمير المؤمنين هارون الرشيد)

هذا التحذير من الجدال خلفا عن سلف، وهذا التواطؤ على ذكره في كتب مناهج الاعتقاد إنما يراد به ذم أهل الكلام وذم منهجهم القائم على الجدال.

وقد روى عن هارون الرشيد أنه قال: " طلبت أربعة فوجدتها في أربعة: طلبت الكفر فوجدته في الجهمية، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة، وطلبت الكذب فوجدته عند الرافضة، وطلبت الحق فوجدته مع أصحاب الحديث" ..

وهذا تحليل عميق حقا .. يكشف عن رؤية دقيقة للفرق و يرصد بذكاء الخاصية المهيمنة عند كل فريق هي المميزة وفي الوقت نفسه العمود الذي يقوم عليه مذهبهم ... فلن تجد لمذهب الرافضة عمودا غير الكذب ولن تجد للمتكلمين عمودا غير الجدال والشغب فيه!!

هذه التحذير المتكرر يمثل وجها من وجوه الصراع بين أهل" التعلم والتعليم" وأصحاب "النظر والمناظرة" ..

كان أهل الحديث ينصحون ويحذرون ... والمتكلمون يترفعون عنهم بدعوى أنهم "لا يناظِرون ولا يناظَرون" فاقتصروا على الاستخفاف والاستصغار مجندين كل قواهم لمواجهة نظرائهم من" المناظرين" من المعتزلة ومن المتفلسفسين!!

للحديث بقية ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير