فهى (مطلقة) وإن كانت مصالح الإنسان الدنيوية على غير ذلك فهى لا تتمحض وكذلك المفاسد إلا أن المعتبر شرعًأ ما غلب من الطرفين فإن كانت المصلحة غالبة كانت هى متعلق الخطاب فإن تبعها مفسدة او مشقة فليست بمقصودة، وكذلك المفسدة يكون منعها على اتم وجه إن كانت هى الغالبة، فالمصالح والمفاسد لا تتمحض فى هذه الدار لكن نقصود الشرع بالأمر والنهى ما غلب منها خالصًا غير مشوب.
وقد أرجع الفقهاء هذه القاعدة إلى منع التكليف بما بما لا يطاق فى شريعة الإسلام.
(وهى كلية) لأن فى ذلك كمال النظاموالذى يأبى أن ينخرم ما وضع له وهو المصالح، فالأمر فى المصالح مطرد شرعًا ولا يتخلف من باب إلى باب ولا يختص به محل وفاق دون محل خلاف، وإن خصص فعلى وجه كلى كذلك، وإن تخاف فى بعض الجزئيات كما فى القصاص فإن إهمال ذلك الجزئى هو عين اعتبار الكلى ثم غن ذلك قد وقع لعارض هو الجناية وهو بذلك غير قادح فى الكلى.
(وهى عامة) يدخل تحتها كل مكلف فلا يباح لأحد ما يباح لغيره، وما أوهم خلاف ذلك كإباحة إيغال للبعض فإنه مقرون بشرط القدرة وهو بذلك كلى من حيث تشتراط القدرة.
(وهى أبدية) بمعنى أنها غير قابلة للنسخ وإنما النسخ من أحكام الجزئيات لا الكليات.
وأما ما تختص به مقاصد الشريعة فكونها:
(توقيفية) من وضع الشارع: اما على قاعدة نفى التحسين والتقبيح العقليين فإن كون هذه مصلحة وتلك مفسدة راجع إلى الشارع ولا عمل فيه لعقل ولا عرف ولا هوى.
وأما على القول بخلافه فغنه لما كانت المنافع والمضار إضافية غالبصا وبذلك تختلف من شخص إلى شخص، والشىء قد يكون فيه مصلحة لشخص مفسدة لآخر؛ فلا ينبغى ترك ذلك لدوافع الأهواء ولذلك فقد وضعت قواعد الشريعة وفق المصالح مطلقًا وافق ذلك الأغراض أو خالفها ن فضلاص عن أنه من مقاصد الشرع المعتبرة إخراج المكلف عن دواعى الهوى حتى يكون عبدصا لله تعالى وليس ذلك موكولاً للعقل أو للعرف دائمًأ فإن الشرع لما جاء بعد فترة تبين ما كان عليه أهل تلك الفترة من انحراف وخروج عن مقتضى الاعتدال ولو كان كما قيل لم يحتج إلى الشرع إلا فى بيان مصالح الآخرة، وليس كذلك.
فالشريعة وإن كانت موضوعة لمصالح العاد فهى عائدة إلى ذلك بحسب أمر الشارع وحده لا على مقتضى الأهواء أو ما تحكم له العقول أو ما تواضع عليه الناس، وفيها ثبوت الخظ و المصلحة الخاصة من حيث أثبته الشرع.
(وهى معتبرة من حيث إقامة مصالح الدنيا للآخرة)
فالدنيا لإنما خلقت لبذل التعم والخيرات للعباد ليشكروا الله تعالى عليها فيجازيهم بها فى الآخرة، فكانت الشريعة مبنية على بيان وجه الشكر فى كل نعمة وبيان وجه الاستمتاع بالنعم المبذولة الخاص منها والعام لتكون عونًا على ذلك الشكر، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى ((ها أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناخ سميعًا بصيرًا إنا هدينا السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا)).
والشكر هو صرف ما أنعم به الله تعالى فى مرضاته سواء فى العبادات أو العادات، وكونه قاصدًا لإقامة مصالح الدنيا للآخرة ليس خروجًا عن مقتضى إقامة مصالح الدنيا وإنما هو إقامة تلك الغاية كوسيلة لغاية قصوى هى السعادة الحقيقية حيث تتمحض الخيرات.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[03 - 08 - 04, 07:31 ص]ـ
معذرة لكثرة الأخطاء المطبعية فى المشاركة السابقة
ـ[الدرعمى]ــــــــ[03 - 08 - 04, 04:41 م]ـ
3 - القيمة الأخلاقية:
اختلف الفلاسفة والمفكرون حول القيمة فى الفعل الخلقى هل هى راجعة إلى البواعث ام إلى الغايات، والواقع أن الفقهاء قد اشترطوا الأمرين معًا:
فالعلة فى الأحكام الفقهية إنما هى المصلحة نفسها أو المفسدة أو مظانهما سواء كان ذلك ظاهرًا أو غير ظاهر منضبطًا أو غير منضبط فالفعل يمكن أن يوصف بكونه أخلاقيًا فى حد ذاته بمقدار ما يحققه من غايات ومقاصد أخلاقية، وقد فاضل الفقهاء بين الأعمال وفقًا لهذه القاعدة:
¥