ـ[الدرعمى]ــــــــ[04 - 08 - 04, 02:38 ص]ـ
ثانيًا الجانب العملى
إذا كان الفقه فى تعريف الأصوليين هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية فإن مهمة الفقه الأخلاقية تتمثل فى اكتساب الأحكام الأخلاقية من الأدلة الشرعية والتى تحكم حياة المكلفين.
غير أن التعريف يتضمن الإشارة إلى مصدر تلك الأحكام مما يعطى الإلزام بها صبغة عقدية، وإشارة إلى الطبيعة العملية للفقه.
وقبل الشروع فى الحديث عن قواعد استنباط تلك الأحكام وسياسية الإلزام العملية بها تجدر الإشارة إلى طبيعة تلك الأحكام وأقسامها من حيث اعتبارها خطابًا موجهًا من الشارع إلى المكلقف.
خطاب التكليف:
عرف الأصوليون خطاب التكليف بأنه خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير.
ومن التعريف يتضح أركان الخطاب وأقسامه فأما الأركان فهى:
1 - الحاكم: وهو الشرع لا العقل، وقد علم طلب الشرع المجرد بالنص عليه بالأمر والنهى، أما معرفة درجاته ومعرفة الجزم وعدمه فجاء من اتباع المعانى والنظر فى المصالح والمفاسد.
2 - المحكوك به: وهو التكليفات الشرعية، وهى لغة ما فيه مشقة، غير أن ذلك غير مقصود شرعًا - إلا أن يكون ذلك بمعنى مغالبة دواعى الطبع والهوى - فالتكليفات الشرعية ما وضعه الشارع من أسباب ينتج عنها مسببات هى إقامة مصالح الدنيا للآخرة، وقد انبنى على ذلك اصلان أخلاقيان:
الأول: أن المكلف مسئول عن الأسباب وإن لم تؤد إلى المسببات التى هى من فعل الله تعالى، وذلك كمن شرب الخمر ولم يسكر ...
الثانى: أن المكلف مسئول عن المسببات التى دخل فى الأسباب الشرعية الموضوعة لها شرعًا سواء قصد وقوع المسبب أو لم يقصد لأن قصد السبب دون المسبب لغو لا يعتبر شرعًا، وقد يؤدى هذا الأصل إلى أن تتعلق بالمكلف تبعات عظيمة لم تكن فى الحسبان كما ورد بالنصوص.
3 - المجكوم عليه: وهوالمكلف يشترط فيه الإسلام والبلوغ والعقل،وشرط الإسلام يترتب عليه هل الكافر مكلف بالفروع أم لا؟
وشرط البلوغ والعقل راجع إلى اشتراط القدرة فى الإلزام بالفعل وقد انبنى على ذلك أصولاً منها:
(أولاً) انه ليس فى شريعة الإسلام تكليف بما لا يطاق؛ فلا يطالب المكلف بما يناقض ما جبل عليه، ولا بما يشق عليه مشقة خارجة عن المعتاد سواء فى ذات العمل أو فى تكراره، وما ورد خلاف ذلك فهو مصروف إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه.
(ثانيا) أن من لا علم له بالتكليف لا يؤاخذ بفعله المخالفة فالمسؤولية فرع عن العلم بالتكليف إلا ان يكون معلومًا من الدين بالضرورة لا يسعه جهله.
أما أقسامه فتدخل تحت الاقتضاء والتخيير؛ فالفعل أو الترك إما أن يكون مطلوبًا شرعًا أو غير مطلوب؛فإن كان الأول فإما أن يكون الطلب جازمًا أو غير جازم؛ فإن كان الأول فهو منقسم إلى مطلوب الفعل وهو ما يمدح فاعله لحسنه ويذم تاركه، ومطلوب الترك وهو ما يمدح فاعله لقبحه ويذم فاعله وهو الحرام.
وإن كان الثانى فهو منقسم إلى مطلوب الفعل وهو ما يمدح فاعله فقط وهو المندوب ومندوب الترك وهو ما يمدح تاركه فقط وهو المكروه.
وإن كان الثانى فهو المباح وهو ما لا يتعلق به مدح ولا ذم ولا يوصف بالحسن ولا بالقبح - على رأى الجمهور - وإنما غرض الشارع فيه تخيير المكلف.
فهذه الأحكام هى التى يوصف بها الفعل وصفًا شرعيًا يحدد درجة إلزام المكلف به فعلاً أو تركًا أو تخييرًا، وهى تطلق ولا تكون على درجة واحدة فى ذاتها فالمطلوب بالجزء يصير أشد طلبًا بالكل كما يصير غير الجازم بالجزء جازمًا بالكل، وقد وضع الفقهاء لكل درجة منها حدًا وضابطًا.
ومن مقاصد الشرع التمييز بين تلك الأحكام؛ فلا يساوى بين المندوب والواجب، ولا بين المباح والمكروه، ولا بين المكروه والحرام اعتقادًا، وذلك مطلوب من كل من يقتدى به فعلاً.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[05 - 08 - 04, 03:19 ص]ـ
قواعد استناط الأحكام:
¥