تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن هذه المرأة كانت راغبة في زوجها الأول بخصوصه ولم يكن لها رغبة في غيره من الأزواج، ففي حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها {قالت: طلق رجل امرأته فتزوجت زوجا غيره فطلقها، وكان معه مثل هدبة الثوب فلم تصل معه إلى أي شيء تريده فلم يلبث أن طلقها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن زوجي طلقني وإني تزوجت زوجا غيره فدخل بي فلم يكن معه إلا مثل الهدبة، فلم يقربني إلا هنة واحدة لم يصل منه إلي شيء، فأحل لزوجي الأول؟ فقال رسول الله لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وتذوقي عسيلته}، متفق عليه. وكذلك في حديث القاسم عن عائشة رضي الله عنها {أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجها رجل ثم طلقها، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول}، وروى مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير {أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير فأعرض عنها فلم يستطع أن يغشاها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها. وقال لا يحل لك حتى تذوق العسيلة}. وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة الحديث. وزاد {فقعدت ثم جاءته فأخبرته أن قد مسها فمنعها أن ترجع إلى زوجها الأول، وقال: اللهم إن كان إنما بها أن يجعلها لرفاعة فلا يتم لها نكاحه مرة أخرى}، ثم أتت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما فمنعاها، فهذا يبين أنها استفتت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها رفاعة، لا طلبا لفرقته بل طلبا لمراجعة الأول، وأخبرت بصفة إفضائه ليفتيها النبي صلى الله عليه وسلم هل حلت للأول أم لا فلما أفتاها أنها لا تحل إلا بعد الوطء قعدت ثم أخبرته أنه كان قد مسها فعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنها كاذبة، وإنما حملها على الكذب أنها لما أخبرت أولا بحقيقة الأمر لم تحل، فأخبرت أنه قد مسها فمنعها النبي صلى الله عليه وسلم من الرجوع إلى الأول؛ لأنها أخبرت أولا بأنه لم يواقعها ثم أخبرت بخلافه فلم يقبل رجوعها عن الإقرار، وقال اللهم إن كان ما بها إلا أن تجعلها لرفاعة فلا يتم لها نكاحه مرة أخرى دعاء عليها عقوبة على كذبها بنقيض قصدها لئلا يتسرع الناس في الكذب الذي يستحلون به الحرام. ثم إنها أتت في خلافة الشيخين وهذا كله أبين دليل على أنها إنما كانت رغبتها في رفاعة لا في غيره، وإلا ففي الأزواج كثرة فهذا الإلحاح في نكاحه وتأيمها عليه عسى أن تمكن من نكاحه ومراجعة ولاة الأمر فيه دون غيره والدخول في التزوير مع أن النكاح بغيره ممكن لا يكون إلا عن محبته منها له دون غيره، وهذه الإرادة والرغبة لم تتحد بإعراض عبد الرحمن عنها، فإن إعراض عبد الرحمن عنها أكثر ما يوجب إرادتها للنكاح ممن كان، أما من هذا الرجل بعينه فإنما ذاك لسبب يختص به، وهذا لم يحدث بعد النكاح بسبب يقتضيه، فعلم أنه كان متقدما؛ لأن الأصل عدم ما يحدث، ثم هذه المحبة منها له إنما سببها معرفتها به حال النكاح، وإلا فبعد الطلاق ليس هناك ما يوجب المحبة، نعم قد يهيج الشوق عند المنع منه، لكن ذلك مستند إلى محبة متقدمة، ولا يقال تزوجت بغيره لعلها تسلو فلما لم يعفها، هاج الحب؛ لأنه لو كان كذلك لتزوجت بآخر وآخر لعله يعفها وتسلى به، فلما لم تتزوج إلا بعبد الرحمن، علم أنها كانت مريدة لأن يحللها للأول، عسى أن ترجع إليه، ولم تتزوج بغيره خشية أن يمسكها بالكلية ولا يكون فيه سبب تطلب به فراقه.

الوجه الثالث:

أنه قد روي أنها استفتت النبي صلى الله عليه وسلم أيضا قبل الطلاق، فروى البخاري عن عكرمة عن مولى ابن عباس، {أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير فأتت عائشة وعليها خمار أخضر، فشكت إليها خضرة بجلدها فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والنساء ينصر بعضهن بعضا، قالت عائشة ما رأيت ما تلقى المؤمنات لجلدها أشد خضرة من ثوبها، قال وسمع أنها قد أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء ومعه ابنان من غيرها، فقالت والله ما لي إليه من ذنب إلا أن ما به ليس بأغنى عني من هذه وأخذت هدبة من ثوبها، فقال: كذبت والله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير