تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نكاح المرأة نكاح رغبة، فإنها إذا ملكت نفسها للزوج فسواء عليه كانت راغبة أو غير راغبة إذا لم تسبب في الفرقة فإنه ليس بيدها فرقة.

لكن لها في هذا العقد مع نية مراجعة الأول ثلاث أحوال:

أحدها: أن تكون محبتها للمقام مع الزوج الثاني أكثر من محبتها للمقام مع الأول، لكن ترى أن الأول أحب إليها من غيره بعد هذا فهذا لا شبهة فيه.

الثاني: أن تكون محبتها لنكاح الزوجين على السواء، أو لا يكون لها محبة لنكاح واحد منهما، لكن ترى أنهما أصلح لها من غيرهما، فإذا فارقها أحدهما آثرت الآخر فهذا أيضا ظاهر.

الثالث: أن تكون محبتها للأول أكثر من الثاني. فهي في هذه الحال بمنزلة المطلق الذي يحب عودها إليه، وهذه الصورة التي كرهها بعض التابعين، وهي حال امرأة رفاعة القرظي، ولذلك رخص أحمد وغيره فيها لما تقدم، وهذه المرأة والمطلق لا يلامان على هذه المحبة، كما لا يلام الزوج على محبة إحدى امرأتيه أكثر من الأخرى إذا عدل بينهما، فيما يملكه، ثم إن كرهت هذه المحبة من نفسها لكونها متطلعة إلى غير زوجها، وكذلك المطلق إن كره من نفسه تطلعه إلى زوجة الغير كانت هذه الكراهة عملا صالحا يثاب عليه، وإن لم تكره هذه المحبة ولم ترض بها لم يترتب عليها ثواب ولا عقاب، وإن رضي هذه المحبة بحيث يتمنى بقلبه مع طبعه حصول موجبها ويود أن يحصل بين الزوجين فرقة ليتزوج المرأة، وتتمنى المرأة أن لو طلقها هذا الزوج أو فارقها لتعود إلى الأول، وعقلها موافق لطبعها على هذه الأمنية، فهذا مكروه، وهو من المرأة أشد؛ لأن ذلك يستلزم تمني الطلاق الذي هو بغيض إلى الله، وقد تتضمن تمني ضرر الزوج وهو مظنة أن المرأة لا تقيم حدود الله مع من بغضت المقام معه، لكنها لو أحبت أن يقذف الله في قلب الزوج الزهد فيها بحيث يفارقها بلا ضرر عليه، فهذا أخف، وهذا كله إذا لم يقترن به فعل منها في الفرقة لم تؤثر في صحة العقد الأول ولا الثاني.

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 01 - 09, 01:51 ص]ـ

المرتبة الثانية:

إن تسبب إلى أن يفارقها من غير معصية غير الاختلاع، ولا خديعة توجب فراقها مثل أن تسأله أن يطلقها أو أن يخلعها، وتبذل له مالا على الفرقة أو تظهر له محبتها للأول أو بغضها المقام معه حتى يفارقها، فهذا ينبني على الانتزاع والاختلاع من الرجل، فنقول إذا كانت المرأة تخاف أن لا تقيم حدود الله جاز لها الاختلاع، وإلا نهيت عنه نهي تحريم أو تنزيه، فإن كانت لم تنو هذا الفعل إلا بعد العقد فهي كسائر المختلعات يصح الخلع ويباح أن تتزوج بغيره، هذا إذا كان مقصودها مجرد فرقته. وهنا مقصودها التزوج بغيره فتصير بمنزلة المرأة التي تختلع من زوجها لتتزوج بغيره وهذا أغلظ من غيره كما سيأتي، وإن كانت حين العقد تنوي أن تتسبب إلى الفرقة بهذه الطرق فهذه أسوأ حالا من التي حدث لها إرادة الاختلاع لتتزوج بغيره، مع استقامة الحال، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال {المختلعات والمنتزعات هن المنافقات}. فالتي تختلع لتتزوج بغيره، لا لكراهته أشد وأشد، ومن كانت من حين العقد تريد أن تختلع وتنتزع لتتزوج بغيره، فهي أولى بالذم والعقوبة؛ لأن هذه غارة للرجل مدلسة عليه، ولو علم أنها تريد أن تتسبب في فرقته لم يتزوجها، فكيف إذا علم أن غرضها أن تتزوج بغيره، بخلاف التي حدث لها الانتزاع، فإنها لم تخدعه ولم تغره، وهذا نوع من الخلابة بل هو أقبح الخلابة، ولا تحل الخلابة لمسلم. وهذه الصورة لا يجب إدخالها في كلام أحمد رضي الله عنه، فإنه إنما رخص في مطلق نية المرأة ونية المرأة المطلقة إنما تتعلق بأن تتزوج الأول، وذلك لا يستلزم أن تنوي اختلاعا من الثاني لتتزوج الأول، فإن هذا نية فعل محرم في نفسه لو حدث وغايته أن يقال هو نية مكروهة تسوية بينه وبين الاختلاع المطلق على إحدى الروايتين فأما إذا قارن العقد فتحريمه ظاهر؛ لأن ذلك يمنع رغبتها في النكاح وقصدها له، والزوجة أحد المتعاقدين، فإذا قصدت بالعقد أن تسعى في فسخه لم يكن العقد مقصودا، بخلاف من قصدت أن العقد إذا انفسخ تزوجت الأول، وتحريم هذا أشد من تحريم نية الرجل من وجه، وذلك التحريم أشد من وجه آخر، فإن المحلل إذا نوى الطلاق، فقد نوى شيئا يملكه، والمرأة تعلم أنه يملك ذلك، وهذه المرأة نوت الاختلاع والانتزاع لتعود إلى غيره، وكراهة الاختلاع أشد من كراهة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير