تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طلاق الرجل ابتداء، والاختلاع لتتزوج غيره أشد من مطلق الاختلاع، وإرادة الرجل الطلاق لا يوقعه في محرم، فإنه يملك ذلك فيفعله، وإرادة المرأة الاختلاع قد يوقعها في محرم، فإنها إذا لم تختلع ربما تعدت حدود الله. ونية التحليل ليس فيها من خديعة المرأة ما في نية المرأة من خديعة الرجل، وإنما حرمت تلك النية لحق الله سبحانه، فإن الله حرم استباحة البضع إلا بملك بنكاح أو ملك يمين، والعقد الذي يقصد رفعه ليس بعقد نكاح، وهذا حال المرأة إذا تزوجت بمن تريد أن يطلقها كحالها إذا تزوجت بمن بدا له طلاقها فيما بعد، من حيث إنه في كلا الموضعين قطع النكاح عليها، وهذا جائز له وليس تعلق حقها بعينه كتعلق حقه بعينها، فإن له أن يتزوج غيرها ولا حرام عليه إذا كانت محبته لتلك واستمتاعه بها أكثر إذا عدل بينهما في القسم، والمرأة إذا تزوجت قاصدة للتسبب في الفرقة فهذا التحريم لحق الزوج لما في ذلك من الخلابة والخديعة له، وإلا فهو يملكها بهذا العقد ويملك أن لا يطلقها بحال، ومن هذا الوجه صارت نية التحليل أشد، فإن تلك النية تمنع كون العقد ثابتا من الطرفين وهنا العقد ثابت من جهة الزوج، بأنه نكح نكاح رغبة، ومن جهة المرأة فإنها لا تملك الفرقة، فصار الذي يملك الفرقة لم يقصدها، والذي قصدها لم يملكها. لكن لما كان من نية المرأة التسبب إلى الفرقة، صار هذا بمنزلة العقد الذي حرم على أحد المتعاقدين لإضراره بالآخر، مثل بيع المصراة وبيع المدلس من المعيب وغيره، وهذا النوع صحيح لمجيء السنة بتصحيح بيع المصراة، ولم نعلم مخالفا في أن أحد الزوجين إذا كان معيبا بعيب مشترك كالجنون والجذام والبرص أو مختص كالجب والعنة أو الرتق والفتق ولم يعلم الآخر أن النكاح صحيح مع أن تدليس هذا العيب عليه حرام، وإن كان أحد الزوجين هو المدلس، حتى قلنا على الصحيح إنه يرجع بالمهر على من غره، فإن كان الغرور من الزوجة سقط المهر، مع أن العقد حرام على المدلس بلا تردد، ولكن التدليس هناك وقع في المعقود عليه، وهنا وقع في نفس العقد. والخلل في العقد قد يؤثر في فساده ما لا يؤثر في بعض حله، فأما المطلق الأول إذا طلب منه أن يطلقها أو يخلعها أو دس إليه من يفعل ذلك فهذا بمنزلة ما لو حدث إرادة ذلك للمرأة بعد العقد، فإن المطلق ليس له سبب في العقد الثاني. وقد نص أحمد على أن ذلك لا يحل، فنقل ههنا عنه في رجل قال للرجل طلق امرأتك حتى أتزوجها ولك ألف درهم، فأخذ منه الألف ثم قال لامرأته أنت طالق فقال سبحان الله رجل يقول لرجل طلق امرأتك حتى أتزوجها لا يحل هذا، فقد نص على أنه لو اختلعها ليتزوجها لم يحل له، وإن كان يجوز أن يختلعها ليتخلص من النكاح، لكن إذا سمى في عقد الخلع أنه يريد التزوج بها فهو أقبح من أن يقصد ذلك بقلبه، والصورة الأولى هي التي دل عليها كلام أحمد، فالمرأة إذا اختلعت لأن تتزوج أشد فإن الأذى بطلب المرأة ذلك أكثر من الأذى بطلب الأجنبي، فإذا كان هذا الفعل حراما لو حدث القصد فكيف إذا كان مقصودا من حين العقد وفعل بعده فظهر أنه لا يجوز اختلاعها رغبة في نكاح غيره، ولا العقد بهذه النية، ولا يحل أمرها بذلك ولا تعليمها إياه، ولكن لو فعلته لم يقدح في صحة العقد فيما ذكره بعض أصحابنا لما تقدم، فلو رجعت عن هذه النية جاز لها المقام معه، فإن اختلعت منه ففارقها وقعت الفرقة. وأما العقد الثاني فنقل عن بعض أصحابنا أنه صحيح، ولأصحابنا في صحة نكاح الرجل إذا خطب على خطبة أخيه وبيعه إذا ابتاع على بيع أخيه قولان، والكلام في هذه المسألة يحتاج إلى معرفة تلك، فنقول قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه النهي عن أن يستام الرجل على سوم أخيه أو يخطب على خطبة أخيه، وعن أن يبيع على بيع أخيه، أو تنكح المرأة بطلاق أختها، فروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي {نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبيع على بيع أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها أو إنائها، فإنما رزقها على الله}. وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم: {نهى عن التلقي، وعن أن يبيع حاضر لباد، وأن تشترط المرأة طلاق أختها، وأن يستام الرجل على سوم أخيه، ونهى عن النجش والتصرية}، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه} متفق عليهن، وفي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير