تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رواية لأحمد: {لا يبتاع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه} وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته حتى يذره}. رواه مسلم وأحمد، وفي لفظ: {لا يحل لمؤمن أن يبيع على بيع أخيه حتى يذره}، وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن} متفق عليه، وهذا نهي تحريم في ظاهر المذهب المنصوص، وهو قول الجماعة؛ لأنه قد جاء مصرحا {لا يحل لمؤمن} كما تقدم، ومن أصحابنا من حمله على أنه نهي تأديب لا تحريم وهو باطل؛ فإذا ثبت أنه حرام فهل العقد الثاني صحيح أو فاسد؟ ذكر القاضي في غير موضع وجماعة مع المسألة على روايتين. ومن أصحابنا من يحكيها على وجهين:

أحدهما:

أنه باطل وهو الذي ذكره أبو بكر في الخلاف ورواه عن أحمد في مسائل محمد بن الحكم في البيع على بيع أخيه، وهو الذي ذكره ابن أبي موسى أيضا.

والثانية:

أنه صحيح قال أحمد في رواية علي بن سعيد لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يستام على سوم أخيه، هذا للمسلمين. قيل له فإن خطب على خطبة أخيه فتزوجها يفرق بينهما؟ قال: لا. وهذا اختيار أبي حفص، لكن بناه على أن النهي تأديب، وهو اختيار القاضي وابن عقيل وغيرهما، وقد خرج القاضي جواب أحمد في مسألة البيع إلى مسألة الخطبة فجعلهما على روايتين كما تقدم عنه، ويتوجه إقرار النصين مكانهما كما سنذكره، والقول بصحة العقد مذهب أبي حنيفة والشافعي، والقول بفساده محكي عن مالك وغيره، وحكي عنه الصحة، ودليل هذا النهي عنه فإنه يقتضي الفساد على قاعدة الفقهاء المقررة في موضعها كسائر عقود الأنكحة والبياعات أو للأولين طرق:

أحدها:

حمل النهي على التأديب كما ذهب إليه أبو حفص، وأومأ إليه ابن عقيل، إذا كثر ما فيه أن للخاطب رغبة في المرأة، وهذا لا يحرمها على غيره كما لو علم أن له رغبة ولم يتم ولم يخطب، وهذا القول مخالف لنص الرسول. الطريق الثانية:

أن هذا التحريم لم يقارن النكاح الثاني والبيع الثاني. وإنما هو متقدم عليهما؛ لأن المحرم إنما هو منع للأول من النكاح والبيع. وهذا متقدم على بيع الثاني ونكاحه، والتحريم المقتضي للفساد، وهو ما قارن العقد كعقود الربا وبيع الحاضر للبادي والبيع وقت النداء، ألا ترى أنها لو قالت لا أتزوجك حتى أراك مجردا لم يقدح ذلك في صحة العقد، وكذلك لو ذهب على الجمعة على دابة مغصوبة وهذه طريقة القاضي وغيره، ولهذا فرقوا بين هذا وبين البيع وقت النداء، قالوا ولو خطبها في العدة وتزوجها بعد العدة صح؛ لأن المحرم متقدم على العقد.

الطريقة الثالثة:

أن التحريم هنا حق لآدمي فلم يقدح في صحة العقد كبيع المصراة بخلاف التحريم لحق الله تعالى كبيوع الغرر والربا، والمعنى لحق الآدمي المعين الذي لو رضي بالعقد لصح كالخاطب الأول هنا، فإنه لو أذن للثاني جاز فإن التحريم إذا كان لآدمي معين أمكن أن يزول برضاه، ولو فيما بعد، فلم يكن التحريم في نفس العقد، ولهذا جوز في مواضع التصرف في حق الغير موقوفا على إجازته كالوصية، وإذا كان بحق الله صار بمنزلة الميتة والدم، لا سبيل إلى حلها بحال، فيكون التحريم في العقد. وهذه طريقة القاضي في الفرق بين بيعه على بيع أخيه، وبين بيع الحاضر للبادي، والبيع وقت النداء أيضا.

الطريقة الرابعة:

أن التحريم هنا ليس لمعنى في العاقد، ولا في المعقود عليه، كما في بيع المحرمات أو بيع الصيد للمحرم، وبيع المسلم للكافر، وإنما هو لمعنى خارج عنهما، وهو الضرر الذي لحق الخاطب والمستام أولا، وهذه طريقة من يفرق بين أن يكون النهي لمعنى في المنهي عنه، أو لمعنى في غيره فيصحح الصلاة في الدار المغصوبة بناء على هذا، ومن ينصر الأول يقول لا نسلم أن التحريم ليس مقارنا للعقد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وعن أن يبتاع أيضا}، وهذا نهي عن نفس العقد، {ونهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه}. منبها بذلك على النهي عن عقد النكاح، فإنه هو المقصود الأكبر بالنهي، كما أنه لما {نهى عن قربان مال اليتيم} كان ذلك تنبيها على النهي عن أخذه فإن النهي عن مقدمات الفعل أبلغ من النهي عن عينه، وهذا بخلاف النهي عن التصريح بخطبة المعتدة فإنه إذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير