تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تسأل المرأة طلاق أختها، لتكتفئ ما في صحفتها}، فمسألة البائع للمشتري أن يقيله البيع ليبيعها البائع لغيره كذلك، وقول الرجل البائع استقل المشتري هذا البيع لتبيعه لهذا. كما يقال للمرأة سلي هذا الخاطب أن يطلق تلك ليتزوجك، إذا تقرر هذا فتقول إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه لما فيه من المزاحمة المخرجة له عما قد وعد به؛ فكيف بمن نكح على نكاح أخيه، بأن يقول للمرأة طلقي هذا الرجل وأنا أتزوجك؛ أو أزوجك فلانا، إن أمكنها أن تفسخ النكاح بأن يكون الرجل قد جعل أمرها بيدها، أو علق طلاقها بأمر يمكنها فعله، فهذه بمنزلة البائع في مدة الخيار، وإلا فاختلاعها منه بمنزلة استقالة المشتري، وهذا أعظم من حيث إنها قد تسيء عشرته إساءة تحمله على طلاقها؛ بخلاف البيع فإن حقوق العقد لا تنقضي بالتقابض منهما فكل من قال إن ابتياع الإنسان على بيع أخيه باطل قال هنا إن نكاح الثاني باطل بطريق الأولى؛ ومن قال بالصحة هناك فقد يقول هنا بالبطلان؛ لأن الزوج خدع حين العقد وتسبب في إزالة نكاحه، وزوال النكاح أشد ضررا من الإقالة في بيع أو فسخه، ولو أن الرجل طلب من الرجل أن يبيعه سلعة لجاز؛ ولو طلب أن يخلع امرأته ليتزوجها لكان من القبيح المنكر، وقد نص أحمد على أنه لا يجوز، واعلم أنه إذا قيل لا يصح البيع الثاني ولا نكاح الثاني لم يقدح ذلك في فسخ العقد الأول، ولكن تعود السلعة إلى صاحبها، والمرأة إلى يد نفسها. ويعاقب الثاني بأن يبطل عقده مناقضة لقصده، وهذا نظير منع القاتل الميراث، ونظير توريث المبتوتة في المرض، فإن ملك النكاح والمال زال حقيقة عن الميت والمطلق، ولم يؤثر ذلك في انتقال المال إلى القاتل، ومنع ميراث المطلقة، وهو نظير المسائل التي ذكرناها في أثناء أقسام الحيل، مثل أن يقتل الرجل رجلا ليتزوج امرأته وبينا وجه تحريمها على هذا القاتل مع حلها لغيره، وكذلك ذبيحة الغاصب والسارق كذلك هنا يحرم شراء العين بعد الفسخ على هذا المتسبب في ذلك مع حله لغيره، وقد يضر هذا بالذي فسخ البيع، لكن هذا جزاء فعله فإنه وإن جاز له الفسخ ابتداء، لكن ما كان له أن يعين هذا على ما طلبه فإن الإعانة على الحرام حرام، فإذا كان هذا فيمن يجوز له الاستقالة فكيف المرأة المنهية عن الانتزاع والاختلاع. ومما هو كالبيع بطريق الأولى إجارته على إجارة أخيه، مثل أن يكون الرجل مستقلا في داره حانوت أو مزدرع، وأهله قد ركنوا إلى أن يؤجروه السنة الثانية فيجيء الرجل فيستأجر على إجارته، فإن ضرره بذلك أشد من ضرر البيع غالبا، وأقبح منه أن يكون متوليا ولاية أو منزلا في مكان يأوي إليه أو يرتزق منه، فيطلب آخر مكانه والله أعلم.

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 01 - 09, 01:51 ص]ـ

المرتبة الثالثة:

أن تتسبب إلى فرقته مثل أن تبالغ في استيفاء الحقوق منه، والامتناع من الإحسان إليه لست أعني أنها تترك واجبا تعتقد وجوبه، أو تفعل محرما تعتقد تحريمه، لكن غير ذلك مثل أن تطالبه بالصداق جميعه، ليفسخ أو يحبس أو لتمتنع منه، أو تبذل له في خصومتها، وذلك يشق عليها مثل أن تطالبه بفرض النفقة، أو إفرادها بمسكن يليق بها وخادم ونحو ذلك من الحقوق التي عليه، أو تمنع من إعانته في المنزل بطبخ أو فرش أو لبس أو غسل ونحو ذلك، كل ذلك ليفارقها فإن قيل فهذه الأمور منها ما قد يختلف في وجوبه، فإذا قيل بوجوبه فتقديره إلى اجتهاد الحاكم، وهو أمر يدخله الزيادة والنقصان، ولا يكاد ينقل غالبا من عاشرت زوجها بمثل هذا عن معصية الله، ونحن نتكلم على تقدير خلوه من المعصية فنقول: إذا فعلت المباح لغرض مباح فلا بأس به، أما إذا قصدت به ضررا غير مستحق فإنه لا يحل، مثل من يقصد حرمان ورثته بالإسراف في النفقة في مرضه، فإذا كانت المرأة لا تريد استيفاء الصداق ولا فرض النفقة وهي طيبة النفس بالخدمة المعتادة، وإنما تجشم ذلك لتضيق على الزوج ليطلقها، فإلجاؤه إلى الطلاق غير جائز؛ لأنه إلجاء إلى فعل ما لا يجب عليه ولا يستحب له وهو يضره، وهي آثمة بهذا الفعل إذا كان ممسكا لها بالمعروف، وإنما الذي تستحقه بالشرع المطالبة لأحد أمرين إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أما إذا قصدت التسريح فقط، وإنما تطالبه بموجبات العقد لتضطره بعسرها عليه إلى التسريح، فهذه ليست طالبة أحد الأمرين وإنما هي طالبة واحدا بعينه، وهي لا تملك ذلك شرعا، فهذه المرتبة تلحق بالتي بعدها كما قدمنا نظائر ذلك في أقسام الحيل، لكن هذا الفعل إنما حرم بالقصد، وهذا أمر لا يمكن الحكم عليه ظاهرا بخلاف الذي بعده، ولا فرق بين أن يكون التحريم لجنس الفعل أو لقصد يقترن بالفعل، ولا يقال فقد يباح لها الاختلاع إذا كانت تخاف أن لا تقيم حدود الله معه. فكذلك يباح لها الاستقصاء في الحقوق حتى تفارق؛ لأنا نقول الاختلاع يتضمن تعويضه عن الطلاق برد الصداق إليه، أو رد ما يرضى به وهو شبيه بالإقالة في البيع، وهذه تلجئة إلى الطلاق من غير عوض فليست بمنزلة المختلعة، وإذا كانت لا تستحق أن يطلقها بغير عوض، وفي ذلك عليه ضرر فإذا قصدت إيقاع هذا الضرر به بفعل هو مباح، أو خلا عن هذا القصد دخلت في قوله صلى الله عليه وسلم {من ضار ضار الله به ومن شق شق الله عليه} وهو حديث حسن، وهذا ليس مختصا بحقوق النكاح بل هو عام في كل من قصد إضرار غيره بشيء هو مباح في نفسه.

بقي أن يقال: فهي لا تقصد إضراره وإنما تقصد نفع نفسها بالخلاص منه، فيقال الشارع لم يجعل هذه المنفعة بيدها، ولو كان انتفاعها بالأخص حقا لها لملكها الشارع ذلك وحيث احتاجت إليه أمرها أن تفتدي منه كافتداء العبد والأسير، ألا ترى أن العبد لا يحل له أن يقصد مضارة سيده ليعتقه، إذا لم يكن السيد متسببا إليه، ثم، إن كانت نوت هذا حين العقد فقد دخلت على ما تضاره به مع غناها عنه، فإنه ليس لها أن تتوصل إلى بعض أغراضها التي لا تجب لها بما فيه ضرر على غيرها، فكيف إذا قصدت أن تحل لنفسها ما حرم الله عليها بأضرار الغير، فهذا الضرب قريب مما ذكر بعده، وإن كان بينهما فرق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير