تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-أن ما يتدخل فيه ولي الأمر بالتقييد أو الإلزام من المباح هو ما كان من الشئون العامة، أما ما كان من الأمور الخاصة الشخصية التي تخص آحاد الرعية فليس له أن يتدخل فيه بمنع أو إلزام، فإن التدخل في مثل هذه الأمور سوف يفسد على الناس حياتهم، ويضخم مؤسسة الحكم حتى تتدخل في كل شأن

-الموازنة بين المصلحة وما يترتب عليها، فينبغي أن لا يترتب على التقييد أو الإلزام أمور تفسد هذه المصلحة المدعاة فإن كثيرا من الأمور لو قيدت بقيد نتج عنه كوارث مجتمعية تفسد المجتمع كله، فلو قيد أحد الطلاق بصفة ما فإذا أراد المطلق أن يطلق فقد يدعي توافر هذه الصفة حقا أو باطلا، ويؤدي هذا إلى كشف أسرار الناس وسوآتهم، وإذا ضيق على الناس في أبواب التجارات مثلا فإن ذلك سوف يفتح باب التهرب والتحيل على ذلك كما يفتح باب الرشا، فلا بد أن تكون النظرة عامة فلا ينظر فقط إلى ما يمكن تحقيقه من فائدة ويغض الطرف على ما يترتب على ذلك من مفسدة، وللسبكي رحمه الله تعالى كلام جميل في هذا الأمر ننقله بطوله ليكون مسك الختام يقول رحمه الله: "يجب على السلطان أو نائبه الذي له النظر في ذلك أن يقصد مصلحة عموم المسلمين ومصلحة ذلك المكان والمصالح الأخروية، ويقدمها على الدنيوية والمصالح الدنيوية التي لا بد منها وما تدعو إليه من الحاجة والأصلح للناس في دينهم، ومهما أمكن حصول المجمع عليه لا يعدل إلى المختلف فيه إلا بقدر الضرورة، فإذا تحقق عنده مصلحة خالصة أو راجحة نهى عنها (أي المختلف فيها)، ومتى استوى عنده الأمران أو اشتبه عليه فلا ينبغي له الإقدام بل يتوقف حتى يتبين له، ومتى كان شيء مستمر لم يُمكِّن أحدا من تغييره حتى يتبين له وجه يسوغ التغيير، ومتى كان شيء من العبادات حرص على تكميله واستمراره وعدم انقطاعه وعدم إحداث بدعة فيه وحفظ انضمامه على ما هو عليه.

ومتى كان شيء من المحرمات اجتهد في إزالته جهده وكذلك المكروهات، ومتى كان شيء من المباحات فهو على ما هو عليه من تمكين كل حد منه، وعدم منع شيء منه إلا بمستند، ويرجع إلى عقله ودينه وما يفهمه من الشرع وممن يثق في دينه؛ ولا يقلد في ذلك من يخشى جهله أو تهوره أو هواه أو دسائس تدخل عليه، أو بدعة تخرج في صورة السنة يلبس عليه فيها كما هو دأب المبتدعين، وذلك أضر شيء في الدين وقل من يسلم من ذلك، فعلى الناظر في ذلك التثبيت وعدم التسرع حتى يتضح بنور اليقين ما ينشرح به صدره ويبين أمره، وليس ما فوض إلى الأئمة ليأمروا فيه بشهوتهم أو ببادئ الرأي، أو بتقليد ما ينتهي إليهم والسماع من كل أحد، وإنما فوض إليهم ليجتهدوا ويفعلوا ما فيه صلاح الرعية، بصواب الفعل الصالح وإخلاص الناس، وحمل الناس على المنهج القويم والصراط المستقيم " [10]، والموضوع بعد ذلك طويل ولعل أمثلته لا تنحصر فلعل فيما تقدم ما يكفي لإضاءة هذه المسألة والله الموفق المعين


[1] الأشباه والنظائر لا بن نجيم الحنفي 1/ 123 القاعدة الخامسة
[2] موسوعة القواعد الفقهية د/محمد صدقي بن أحمد البورنو أبو الحارث الغزي 4/ 307 - 308
[3] أخرجه ابن حبان في مقدمة صحيحه 1/ 186، وأبو داود كتاب السنة رقم 4604
[4] أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال: قلت لعائشة: "أنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغنى الفقير"، وأخرجه مسلم من حديث عمرة قالت: سمعت عائشة تقول: "دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ادخروا ثلاثا ثم تصدقوا بما بقى». فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويحملون منها الودك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «وما ذاك»؟. قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال «إنما نهيتكم من أجل الدافة التى دفت، فكلوا وادخروا وتصدقوا" دفت: جاءت مسرعة، الدافة: الجماعة من الناس
[5] رواه الترمذي كتاب البيوع رقم1314 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود أبواب البيوع رقم 3541 وغيرهما وصححه ابن حبان
[6] تفسير ابن جرير الطبري 4/ 366، قال ابن كثير في التفسير 1/ 583: "وهذا إسناد صحيح"
[7] تفسير ابن جرير الطبري 4/ 366
[8] أخرجه مسلم كتب الزهد والرقائق رقم 3004
[9] الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي 1/ 124 القاعدة الخامسة
[10] فتاوى السبكي 1/ 186

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 02 - 09, 08:53 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=811143&postcount=13

فائدة

قال العلامة ابن مفلح في الفروع 3/ 227 ـ في الاستسقاء ـ:
ويعظهم الإمام ويأمرهم بالتوبة وأداء الحقوق،
قال جماعة: والصدقة والصيام،
زاد جماعة: ثلاثة أيام، وأنه يخرج صائما،
وظاهر كلامهم: لا يلزم الصوم بأمره،
مع أن في المستوعب وغيره: تجب طاعته في غير المعصية، وذكره بعضهم (ع) (1)،
ولعل المراد: في السياسة والتدبير والأمور المجتهد فيها لا مطلقا،
ولهذا جزم بعضهم: تجب في الطاعة، وتسن في المسنون، وتكره في المكروه،
وذكر أبو الوفاء وأبو المعالي: لو نذر الإمام الاستسقاء زمن الجدب وحده أو هو والناس لزمه في

نفسه، وليس له أن يلزم غيره بالخروج معه. اهـ

وقال في الآداب الشرعية نحو ذلك 1/ 467، وذكر أن الذي نقل الإجماع السابق: القاضي عياض.

ونقله مضمون ما في الفروع العلامة المرداوي في الإنصاف 5/ 415.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير