تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" كل ما روي فيها باطل موضوع "!

وتجاهل الشيخ عفا الله عنّا وعنه الردود المتتابعة مرّ السنين على ابن حزم من قِبَل أهل الاختصاص في الحديث وحفاظه، وممن هو أعلم منه فيه، كابن الصّلاح وابن تيمية وابن حجر وغيرهم ممن يأتي ذكرهم.

كما تجاهل المبالغة الظاهرة في حكم ابن حزم على الأحاديث بالبطلان والوضع، فإنه لا يلزم من وجود علّة في الحديث الحكم عليه بالوضع، ولا سيما إذا كان في " صحيح البخاري "، كما لا يخفى على المبتدئين في هذا العلم، فكيف وهناك أحاديث أُخرى صحيحة أَيضاً كما سيأتي، فلو كانت ضعيفة لأعطى مجموعها للموضوع قوّة، فالحكم عليها كلها بالبطل والوضع - مما لا شك فيه - أنه ظاهر البطلان!

ولقد سار على هذا المنوال من التجاهل لعلم ذوي الاختصاص صاحبه الكاتب الشهير الشيخ محمد الغزالي المصري، في كتابه الأخير: " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث " تجلى فيه ما كان يبدو منه أحياناً في بعض كتبه ومقالاته التي يبثها هنا وهناك من الانحراف عن الكتاب والسنّة، وفقه الأئمة أيضاً، خلافاً لما يوهم قراءه بمثل قوله في مقدمة كتابه المذكور (ص 11):

" وأؤكد أولاً و أخيراً أنني مع القافلة الكبرى للإسلام، هذه القافلة التي يحدوها الخلفاء الراشدون والأئمة المتبوعون والعلماء الموثوقون، خلفاً بعد سلف، ولاحقاً يدعو لسابق ".

وهذا كلام جميل، ولكن أجمل منه العمل به وجعله منهج حياة، ولكن مع الأسف الشديد هو من الكلام الذي يقال في مثله: (اقرأ تفرح، جرِّب تحزن) إذ أن الرجل قد انكشف مذهبه أخيراً بصورة جليّة جداً، أنه ليس " مع القافلة الكبرى. . " إلخ، بل ولا مع الصغرى!.

وإنما هو مع أولئك (العقلانيين الشُذَّذ) الذين لا مذهب لهم إلا اتباع ما تزينه لهم عقولهم، فيأخذون من كل مذهب ما يحلو لهم؛ مما شذَّ وندَّ، وقد قال بعض السلف: " من حمل شاذ العلم حمل شراً كبيراً "، ومع ذلك فهو يحشر نفسه في زمرة الفقهاء الذين يستدركون على المحدِّثين شذوذاً أو علة خفيت عليهم، والحقيقة أن الرجل لا علم عنده بالحديث ولا بالفقه المستنبط منه، وإنما هي العشوائية العمياء المخالفة لما عليه علماء المسلمين من المحدثين والفقهاء في أصولهم وفروعهم , فهو إذا صادم رأيه حديث صحيح نسفه بدعوى باطلة من دعاويه الكثيرة، فيقول مثلاً: ضعفه فلان، وهو يعلم أن غيره ممن هو أعلم منه أو أكثر عدداً صححه، كما هو موقفه من حديث البخاري الآتي في (المعازف)، وتارة يرده بدعوى أنه حديث آحاد! وهو يعلم أيضاً أن خبر الآحاد حجة في الفقهيات والعمليات بالاتفاق، وإذا لم يستطع رفضه لسبب أو آخر رد العمل به بقوله: ليس قطعي الدلالة، وهو يعلم أيضاً أنه لا يشترط ذلك عند العلماء، وإنما يكفي فيها الظن الراجح عندهم، وإلا قلبْنَا عليه دعواه ورددنا عليه كل مخالفاته لأنها لم تبن يقيناً على دليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وإلا لم يكن هناك خلاف! وإن كان الحديث في العمليات والغيبيات رده بقوله: " لا يتصل بعقيدة، ولا يرتبط به عمل "! أو قد يختلق له معنى من فكره هو في نفسه باطل، فيلصقه بالحديث، وهو منه بريء! وأما كلام العلماء في الدفاع عن الحديث وتفسيره بعلم، فهو يستعلي عليه ويرفضه طاعناً فيهم بما هو أهل له وأولى به، كمثل قوله (ص 29):

" نقول نحن: هذا الدفاع كله خفيف الوزن، وهو دفاع تافه لا يساغ!! ".

يعارض به العلماء وهم شرّاح الحديث المازري والقاضي عياض والنووي الذي عنه نقل الكلام المشار إليه ولكنه دلَّس على القرَّاء، فإنه ابتدأ المنقول بقوله: " قال المازري. . . ". وجاء في آخر المنقول: " واختاره المازري والقاضي عياض ".

وهذا من تمام الكلام المنقول. وإنما نقله عن " شرح النووي لمسلم "، والنووي هو الذي قال: " قال المازري. . " إلخ.

فكان عليه أن يعزوه إليه، ولكنه لم يفعل لأنه يعلم منزلة الإمام النووي وشهرته عند المسلمين، فلم ير من سياسته أن ينبه أيضاً إلى " تفاهته "!!

تلك بعض مواقفه المذبذبة تجاه الأحاديث الصحيحة المرفوضة عنده.

أما إذا كان الحديث ضعيفا أو لا أصل له، فهو يجعله صحيحاً قوياً مسنداً بعقله المشرِّع! يبطل به ما صح في الشرع! فيقول رداً على من ضعَّفه أو قد يضعفه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير