تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: تأمل معي أيها القارئ الكريم، تلطُّف الشيخ الغزالي مع أعداء الله: اليهود والنصارى بقوله: " مخالفينا في الدين " وقد يقول فيهم أحياناً: " إخواننا "! وقابل ذلك بمواقفه العديدة تجاه إخوانه في الدين كيف يشتد على علمائهم الأموات منهم والأحياء، وبخاصة طلاب العلم منهم، وقد مرت بك قريباً بعض الأمثلة مما قاله في أهل الحديث وشرّاحه، فيا ترى أذلك مما أودعه في كتابه " خلق المسلم "؟! أم هو مخالفة صريحة لمثل قوله تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)؟! وقوله عز وجل: (يا أيها الذي آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)؟!

تلك نماذج قليلة، من مواقف للشيخ الغزالي كثيرة، تجاه الأحاديث النبوية الصحيحة، والأحاديث الضعيفة، يأخذ منها ما يشاء، ويرفض منها ما خالف هواه، دون أن يستند في ذلك على قاعدة تذكر عند أحد من العلماء، بل هي العشوائية العمياء، كما تقدم.

ذكرت ذلك ليتبين القراء طريقته في رفضه للأحاديث الصحيحة عند أهل الاختصاص من العلماء، فلا هو منهم علماً حتى يستطيع معرفة الصحيح من الضعيف انطلاقاً من قواعدهم وكتابه " فقه السيرة " بتخريجي إيّاه، وما تقدم من الأمثلة دليل قاطع على ذلك ولا هو معهم كما قال الله تعالى: (وكونوا مع الصادقين) وقال: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، ومقدمته لتخريجي المشار إليه وما سبق من الأمثلة أيضاً يؤكد كل ذلك، فمن لم يكن من أولئك العلماء، ولا هو معهم، فالأحرى به أن يكون لسان حاله - على الأقل - كما قال ذلك الشاعر الجاهلي:

وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويتُ وإن ترشَد غزيّة أرشد

وختام ذلك موقفه من حديث البخاري في المعازف، وأسلوبه في تضعيفه إيّاه، فهذا وحده يكفي للدلالة على أنه لا ينطلق في نقده للأحاديث إلاّ من الهوى، والظن الأَعمى! فقد قال: (ص 66 - 67) لأحد علماء الخليج، وهو يناقشه في ليلة النصف من شعبان: " أظن الأَحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء "!

وظنه هذا كاف لإدانته بالجهل وإلقاء الكلام على عواهنه، مما يذكرني بقوله تعالى في الكفار الشاكين في البعث: (ما ندري ما السّاعة إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين) فإن أحاديث ليلة النصف إن كان المقصود منها ما يتعلق بالأمر بقيام ليلها وصيام نهارها - كما هو الظاهر من مناقشته لذلك العالم - فهو حديث واحد لا يوجد سواه، وإسناده ضعيف جداً- بل هو موضوع في نقدي - كما هو مبين في المجلد الخامس من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم (2132) يسّر الله طبعه. وإن كان المقصود حديث المغفرة لجميع الخلق إلا من استثني فيه، فهو حديث واحد أيضاً جاء من طرق عن جمع من الصحابة وبألفاظ مختلفة، لا يسلم طريق منها من علة، ولذلك ضعّفها أكثر العلماء كما قال ابن رجب، وصحح أحدها ابن حبّان، وفيه انقطاع، فمن الممكن تصحيحه أو تحسينه على الأقل لتلك الطرق، ومن أجلها خرجته في " السلسلة الصحيحة " (1144)، وجعلته من حصة كتابي الجديد " صحيح موارد الظمآن " (. . . / 1980)، وهو تحت الطبع، فأين هذا من أحاديث تحريم الغناء والموسيقى وكثرتها، وصحّة أسانيد الكثير منها، مع اتفاق ألفاظها على تحريمها، كما يأتي بيانه؟! فأين هذه الأحاديث من تلك أيّها المُتهوِّك، ومعذرة من الكاتب الأديب مع غير إخوانه المسلمين، فهذا الوصف مع كونه بحق، فهو أقل بكثير مما شتمت به سلفنا وعلماءنا، وطلاب السنّة العاملين بها، بحيث لو أراد أحدهم أن يرد إليك بضاعتك هذه لما استطاع إلا أن يكون سليط اللسان كاتباً مثلك!

ثم ذكر الغزالي رد العالم الخليجي عليه، فقال عنه:

" فأجاب مستنكراً: هذا غير صحيح! إن تحريم الغناء وآلاته ثابت في السنّة النبوية ".

قلت: وهذا حق لا يزيغ عنه إلا هالك.

ثم قال الغزالي:

" قلت له: تعال نقرأ سوياً ما قاله ابن حزم في ذلك الموضوع، ثم انظر ماذا تفعل. . قال ابن حزم. . ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير