تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا ابنه الصّغير الغنيّ فيخرج من ماله.

(سبب الوجوب ووقته):

ذهب الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد، وهو أحد قولين مصحّحين للمالكيّة. واستدلّوا بما رواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: {أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدّى قبل خروج النّاس إلى الصّلاة}.

دلّ الحديث على أنّ أداءها الّذي ندب إليه الشّارع هو قبل الخروج إلى مصلّى العيد، فعلم أنّ وقت وجوبها هو يوم الفطر، ولأنّ تسميتها صدقة الفطر، تدلّ على أنّ وجوبها بطلوع فجر يوم الفطر ; لأنّ الفطر إنّما يكون بطلوع فجر ذلك اليوم، أمّا قبله فليس بفطرٍ ; لأنّه في كلّ ليلةٍ من ليالي رمضان يصوم ويفطر، فيعتبر مفطرًا من صومه بطلوع ذلك اليوم.

وذهب الشّافعيّة في الأظهر والحنابلة، إلى أنّ الوجوب هو بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان، وهو أحد قولين للمالكيّة، لقول ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: {فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرةً للصّائم من اللّغو والرّفث، وطعمةً للمساكين، فمن أدّاها قبل الصّلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقة من الصّدقات}. دلّ الحديث على أنّ صدقة الفطر تجب بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان، من جهة أنّه أضاف الصّدقة إلى الفطر، والإضافة تقتضي الاختصاص، أي الصّدقة المختصّة بالفطر، وأوّل فطرٍ يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان. ويظهر أثر الخلاف فيمن مات بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان: فعند الشّافعيّة ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر ; لأنّه كان موجودًا وقت وجوبها، وعند الحنفيّة ومن وافقهم لا تخرج عنه صدقة الفطر لأنّه لم يكن موجودًا، ومن ولد بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان تخرج عنه صدقة الفطر عند الحنفيّة ومن وافقهم ; لأنّه وقت وجوبها كان موجودًا، ولا تخرج عنه الصّدقة عند الشّافعيّة ومن وافقهم ; لأنّه كان جنينًا في بطن أمّه وقت وجوبها. ومن أسلم بعد غروب الشّمس من آخر يومٍ من رمضان، لا تخرج عنه الصّدقة عند الشّافعيّة ومن وافقهم ; لأنّه وقت وجوبها لم يكن أهلًا، وعند الحنفيّة ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر ; لأنّه وقت وجوبها كان أهلًا.

(وقت وجوب الأداء):

ذهب جمهور الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب أداء زكاة الفطر موسّع، لأنّ الأمر بأدائها غير مقيّدٍ بوقتٍ، كالزّكاة، فهي تجب في مطلق الوقت وإنّما يتعيّن بتعيّنه، ففي أيّ وقتٍ أدّى كان مؤدّيًا لا قاضيًا، غير أنّ المستحبّ إخراجها قبل الذّهاب إلى المصلّى، لقوله صلى الله عليه وسلم: {اغنوهم في هذا اليوم}.

وذهب الحسن بن زيادٍ من الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب الأداء مضيّق كالأضحيّة، فمن أدّاها بعد يوم العيد بدون عذرٍ كان آثمًا، وهو مذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة. واتّفق جميع الفقهاء على أنّها لا تسقط بخروج وقتها ; لأنّها وجبت في ذمّته لمن هي له، وهم مستحقّوها، فهي دين لهم لا يسقط إلاّ بالأداء ; لأنّها حقّ للعبد، أمّا حقّ اللّه في التّأخير عن وقتها فلا يجبر إلاّ بالاستغفار والنّدامة

. إخراجها قبل وقتها:

ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تقديمها عن وقتها يومين لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيومٍ أو يومين. وذهب الشّافعيّة إلى أنّه يسنّ إخراجها قبل صلاة العيد ويكره تأخيرها عن الصّلاة، ومحرّم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذرٍ ; لفوات المعنى المقصود، وهو إغناء الفقراء عن الطّلب في يوم السّرور، فلو أخّرها بلا عذرٍ عصى وقضى، لخروج الوقت. وروى الحسن بن زيادٍ عن أبي حنيفة أنّه يجوز تقديمها عن وقتها سنةً أو سنتين كالزّكاة. وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه يجوز تقديمها في رمضان فقط، وهو قول مصحّح للحنفيّة.

(مقدار الواجب):

اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف الّتي يجوز إخراج الفطرة منها عدا القمح والزّبيب، فقد اختلفوا في المقدار فيهما: فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة، إلى أنّ الواجب إخراجه في القمح هو صاع منه. وسيأتي بيان الصّاع ومقداره كيلًا ووزنًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير