عصبتها، وهكذا تظل المرأة في المجتمع الإسلامي محاطة بالرعاية والعناية والحفظ، وهذا
الوضع يغنيها عن العمل لطلب الرزق إلا أن تحتاج إلى ذلك، أو يأذن لها وليها بذلك،
أو تريد أن تنفق على زوجها وأبنائها بطيب نفس منها فهذا من باب التبرع الذي يعود أمره
إليها، إن شاءت فعلت وإن شاءت أمسكت، قال تعالى [لينفق ذو سعة من سعته] وقال تعالى:
[وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف] ولم يخاطب الله تعالى النساء بالإنفاق على
سبيل التكليف. وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب)).
وحفظاً لعرض المرأة جعل الله عز وجل الأصل في حالها المكث في منزلها وعدم الخروج
منه إلا لحاجة، قال تعالى [وقرن في بيوتكن] ونهاها الله عز وجل عن التبرج إذا خرجت
فقال [ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى] وبين لها تعالى كيف تحتجب عن الرجال إذا خرجت
فقال [يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى
أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً] وفي الصحيحين: عن أم المؤمنين عائشة رضي
الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع،
وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلم يكن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة
من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن
ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((قد أذن أن تخرجن في حاجتكن)).
وإذا خرجت المرأة لحاجتها فعليها التزام التصون والتعفف وأخذ نفسها بالحشمة في لباسها
وصوتها وبعدها عن الرجال، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لقد كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم
يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد. متفق عليه.
وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قالت رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا
ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من
رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
وقالت رضي الله عنها: رحم الله نساء الأنصار ما رأيت مثلهن أشد تصديقاً بكتاب الله
وعملاً بما جاء فيه إنه لما أنزل الله تعالى آية الحجاب وخرج الرجل يتلوها على زوجه
وأهله قمن إلى مروطهن المرحلة فشققنها واعتجرن بها (أي غطين وجوههن) وخرجن خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسهن الغربان.
وقالت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها لمولاها نبهان لما أعتق: يا بني إنك لن تراني
بعد اليوم إنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أعتق عبدها فلا يراها.
رواه الترمذي وصححه.
وعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن فينصرفن إلى بيوتهن وثبت رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال.
متفق عليه.
ومع كل هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشدهن إلى جعل صلاتهن في بيوتهن
فإن صلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكيف
بغيره من المساجد: ففي المسند: عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير مساجد النساء قعر بيوتهن)).
وفي المسند أيضاً: عن أم حميد الساعدية رضي الله عنها أنها جاءت رسول الله صلى الله
عليه وسلم تسأله أن تصلي في مسجده فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال:
((قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك
وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في
مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي)) فأمرت رضي الله
عنها فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله
عز وجل.
وفي الصحيحين: سأل ابن جريج عطاء عن طواف النساء مع الرجال: كيف يخالطن
¥