تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا، وقد عرضت في هذه الحلقة والتي تليها أهم أفكار الرجل، وأعرضت عن ذكر بعضها بسبب ضيق المجال، إلا أن الذي عرضته يكفي للحكم عليه، ثم علقت على كل واحدة منها متوخياً الاختصار، ومن الجدير ذكره أنني ما ذكرت قولاً من أقواله إلا وذكرت المصدر الذي اعتمدت عليه.

أولاً: إنكاره لحد الردة:

ينكر الترابي حد الردة، ويرى أن من حق أي مواطن في دولة الإسلام تغيير دينه إذا اقتنع بغيره، يقول في مقابلة له مع جريدة المحرر [العدد: 263، آب 1994]:

"نريد الحوار مع الغرب، لا نريد حرباً معه، نريد أن نحتكم معاً إلى ديموقراطية عالمية، أما في بلدي، فالأولى بي وأنا أدعو للحوار في مواجهة الآخر، أن أتحاور مع كل من حولي، مسلماً كان أم غير مسلم، وعربياً كان أم غير عربي، أتحاور معه وأترك له حرية أن يقول ما يشاء، ويسود بنتيجة الحوار هذا الرأي أو ذاك، وأزيد على كل هذا رأياً هو رأيي الشخصي:

حتى إذا ارتد المسلم تماماً وخرج من الإسلام ويريد أن يبقى حيث هو، فليبق حيث هو. لا إكراه في الدين .. لا إكراه في الدين .. وأنا لا أقول إنه ارتد أو لم يرتد فله حريته في أن يقول ما يشاء، شريطة أن لا يفسد ما هو مشترك بيننا من نظام".

ويقول أيضاً:

"وأود أن أقول: إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه .. أما الردة الفكرية البحتة التي لا تستصحب ثورة على الجماعة ولا انضماماً إلى الصف الذي يقاتل الجماعة كما كان يحدث عندما ورد الحديث المشهور عن الرسول r، فليس بذلك بأس يذكر، ولقد كان الناس يؤمنون ويكفرون، ثم يؤمنون ويكفرون، ولم يطبق عليهم الرسول r حد الردة".

وفي مقابلة له مع صحيفة "المستقلة" قال:

"إذا كان الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان الحرية [من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر]، ولو شاء الله لطبعنا تماماً على الإيمان كالجماد، كالحجر، كالسموات والأرض والجبال اللائي أشفقن من حمل أمانة الحرية، أشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، فما دام الله قد حمّل الإنسان أمانة الحرية يصبح الأمر بديهة من بديهيات الدين، تشهد بها آيات القرآن [لا إكراه في الدين] وحتى في أيام الرسول r تحدث القرآن الكريم عن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا .. كان الناس يرتدون ويعودون ويخرجون وهكذا.

حديث المرتد حديث قصير جاء في سياق العلاقات الحربية، كان المسلمون يشفقون من المسلم إذا ارتد ورأوه في صف المقاتلين هنالك هل يعصمه إسلامه السابق من قتله إذا قدروا عليه في ميدان القتال، فقال لهم الرسول r من بدل دينه وفارق الجماعة فاقتلوه. ولكن الناس انتزعوا هذا الحديث من أسبابه الخاصة، ونسخوا به أصلاً من أصول الدين هو حرية العقيدة. كيف لعاقل أن يتصور أن الله سبحانه الذي لم يكره أحداً يبيح لنا أن نكره أحداً على الإيمان؟.

وآيات حظر الإكراه شتى في القرآن وفي غالب سنن الرسول r، لذلك أنا لا أوافق على الرأي الشائع في حكم المرتد أبداً.

وفي إشارة منه على عدم احترامه للمصادر الشرعية يقول:

" .. وهذه لا تحتاج إلى الرجوع إلى قول فلان ورد فلان على فلان. حرية العقيدة أصل من أصول القرآن، لكن أكثر المسلمين انقطعوا عن أصولهم تماماً، وبدأوا يأخذون عمن أخذ عمن أخذ عمن أخذ من الأصول!! وهذه واحدة من ظواهر التخلف عن دواعي الدين.

ويدرك الترابي [وما زلنا ننقل فقرات من مقابلته مع صحيفة المستقلة] أنه في شذوذاته هذه كمن يناطح قلعة شاهقة فيقول:

"فقد لا أكون أعلم الناس وأكثرهم زاداً من العلم، وقد لا يثق الناس باجتهادي بل يحسبون أن أهوائي قد تؤثر علي. ذلك أمر للناس، وهم يحكمون عليّ وعليك بمعاييرهم" (1).

تعليق:

قتل المرتد من المعلوم بالدين بالضرورة، ومما أجمع عليه أهل العلم، يقول ابن قدامة رحمه الله: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين، وروي ذلك عن أبي بكر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم، وغيرهم، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكان إجماعاً" وقال أيضاً: "ومن اعتقد حِلَّ شيءٍ أُجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه، كفر" (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير