تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فائدة حول لازم القول]

ـ[أبو المهاجر المصري]ــــــــ[08 - 04 - 06, 04:23 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

فهذه المسألة من المسائل التي يختلف الحكم فيها تبعا لاختلاف القائل:

فإن كان القائل هو الله، عز وجل، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، فلازم القول لازم، لأن قولهما حق لا مرية فيه، ولازم الحق حق.

يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (ينبغي أن يعلم أن اللازم من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم إذا صح أن يكون لازما فهو حق، يثبت ويحكم به، لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيكون مرادا)، القواعد المثلى ص11_12.

وأما قول الإنسان، فهو: إما أن يكون موافقا للكتاب والسنة فيكون حقا، ولازمه حقا، وإما أن يكون مخالفا للكتاب والسنة فيكون باطلا ولازمه باطلا. القواعد النورانية لشيخ الإسلام، رحمه الله، ص128.

ولقائل القول مع لازمه ثلاث حالات:

أولا: أن يذكر له لازم قوله فيلتزمه، كأن يقال لمن يثبت وزن الأعمال في الآخرة: يلزمك أن تثبت وزن الأعراض، أي الصفات والأحوال التي لا تقوم بنفسها، وإنما تقوم بذات تتعلق بها، فالأعمال لا تقوم إلا بذات العامل، والصفات لا تقوم إلا بذات الموصوف، فلا يمكن، على سبيل الأمثال، أن تقوم صفة الحمرة بنفسها، فيوجد ذات يقال لها: "الحمرة"، وإنما الحمرة صفة تقوم بذات موصوف بها فيقال هذه فاكهة حمراء وهذا ثوب أحمر .................. الخ.

فمن التزم هذا اللازم يقول: نعم ألتزم به، لأن أحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا، والله تعالى على كل شيء قدير، ثم إنه قد وجد في زماننا هذا موازين للحرارة والبرودة والإضاءة ونحو ذلك من الأعراض دون أن نحتاج لفصلها عن ذواتها وتجسيمها لتصير أمورا محسوسة تقبل القياس المحسوس، فهذا اللازم يجوز إضافته إليه إذا علم منه أنه لا يمنعه.

ثانيا: أن يذكر له لازم قوله، فيمنع التلازم بينه وبين قوله، مثل:

أن يقول المعتزلة، نفاة الصفات، لأهل السنة: يلزم من قولكم بتعدد صفات الله، عز وجل، تعدد القدماء، أي الآلهة، فيرد أهل السنة بامتناع هذا اللازم، ويقولون بأن: صفات الله، عز وجل، قائمة بذاته، عز وجل، لا استقلال، ولا إشكال في ذلك، لأن صفات البشر، ولله المثل الأعلى، لا تستقل بذاتها فلا يوجد سمع مستقل أو بصر مستقل أو ........................... الخ، فصفات الله، عز وجل، كذلك لا تقوم إلا بذاته العلية، فلا يلزمنا ما قلتموه.

أو يقولوا: يلزم من قولكم: إن لله، عز وجل، صفات السمع والبصر ................. الخ، تشبيه الخالق بالمخلوق الذي له سمع وبصر ............ ، فيقول أهل السنة: لا يلزمنا هذا اللازم الباطل، لأن الكلام على الصفات فرع عن الكلام على الذوات، فلما كانت ذات الله، عز وجل، لا تشبهها ذات أخرى، وإن أطلق على الكل اسم "ذات"، فكذا صفاته لا تشبه صفات أحد من خلقه، وإن أطلق على الكل اسم "صفات"، فلا يلزم من اشتراك الخالق، عز وجل، في صفة السمع مع المخلوق أن سمع الخالق كسمع المخلوق، فهما يجتمعان من جهة "الاسم" لا "المسمى"، فشتان سمع الخالق، عز وجل، المحيط بكل المسموعات وسمع المخلوق العاجز، فهما يشتركان من جهة "التواطؤ اللفظي"، أي وجود أصل الصفة دون تشابه أو تماثل في الكيفية، كضوء الشمس وضوء المصباح، يجتمعان في الأصل لأن كليهما ضوء ويختلفان في الكيفية، فلا وجه للمقارنة بينهما من جهة الشدة أو الحرارة ........... الخ، ولله المثل الأعلى.

وعليه فهذا اللازم لا يجوز إضافته إليه بعد أن بين هو وجه امتناع التلازم بين قوله وبين ما أضيف إليه.

ثالثا: أن يكون اللازم مسكوتا عنه فلا يذكر بالتزام ولا منع، فهذا حكمه ألا ينسب إلى القائل، لأنه إذا ذكر له اللازم: فقد يلتزمه، وقد يمنع التلازم، وقد يتبين له وجه الحق فيرجع عن اللازم والملزوم جميعا، ولأجل هذه الاحتمالات لا ينبغي إضافة اللازم إليه، لا سيما أن الإنسان بشر يعتريه ما يعتريه مما يوجب له الذهول عن اللازم، فقد يغفل أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تدبر في لوازمه، ونحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير