[تنبيه على مكان هلاك أبرهة، وكذلك قصة طلع البدر علينا!!]
ـ[خالد الشايع]ــــــــ[04 - 04 - 06, 10:20 ص]ـ
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد
هذه خاطرة يعلم بها الجميع إلا أن البعض لا يعرف كلام أهل العلم فيها، ألا وهي أين عقر الله أبرهة وجيشه، لما قصد مكة لهدم الكعبة، فالمشهور عند الناس أنه نزل عليه العذاب ومن معه بوادي محسر الذي بين منى والمزدلفة، ويجعلون ذلك سبب إسراع النبي صلى الله عليه وسلم عند مروره بالمحسر لما دفع إلى منى من المزدلفة، وقد رأيت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رد ذلك في الشرح الممتع كتاب المناسك، وقال لم يكن طريق أبرهة من هذه الجهة لأنه قادم من جهة اليمن.
والصواب أن العذاب نزل عليهم وهم بالمغمس (موضع على ميلين من مكة) فأحببت التنبيه على ذلك وتوثيقه، ومثله قصيدة طلع البدر علينا المشهور أن أهل المدينة استقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم بها لما قدم في هجرته إلى المدينة، وهذا خطأ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل المدينة من جهة ثنية الوداع، ولعل ذلك قيل فيه لما قدم من تبوك فإن ثنية الوداع من جهة الشام لا مكة،
قال ابن القيم في الزاد
فصل
[فى خروج الناس لتلقيه صلى الله عليه وسلم عند مقدمه المدينة]
فلما دنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، خرج الناس لتلقيه، وخرج النساءُ والصبيان والولائد يقلن:
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاعِ
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا مَا دَعَا للهِ دَاعِى
وبعضُ الرواة يَهِمُ فى هذا ويقولُ: إنما كان ذلك عند مقدَمِه إلى المدينة من مكةَ، وهو وَهْمٌ ظاهر، لأن ثنياتِ الوداع إنما هى من ناحية الشام، لا يراها القادِمُ من مكة إلى المدينة، ولا يمرُّ بها إلا إذا توجَّه إلى الشام، فلما أشرف على المدينة، قال: ((هذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه)).
ولنعد لحديثنا الأول، وهو موضه العذاب لأبرهة:
قال ابن كثير في تفسيره (4/ 550)
وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب قد تقدم في قصة أصحاب الأخدود أن ذا نواس وكان آخر ملوك حمير وكان مشركا وهو الذي قتل أصحاب الأخدود وكانوا نصارى وكانوا قريبا من عشرين ألفا فلم يفلت منهم إلا دوس ذو ثعلبان فذهب فاستغاث بقيصر ملك الشام وكان نصرانيا فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة لكونه أقرب إليهم فبعث معه أميرين أرياط وأبرهة بن الصباح أبا يكسوم في جيش كثيف فدخلوا اليمن فجاسوا خلال الديار واستلبوا الملك من حمير وهلك ذو نواس غريقا في البحر واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم هذان الأميران أرياط وأبرهة فاختلفا في أمرهما وتصاولا وتقاتلا وتصافا فقال أحدهما للآخر إنه لا حاجة بنا إلى اصطلام الجيشين بيننا ولكن ابرز إلي وأبرز إليك فأينا قتل الآخر استقل بعده بالملك فأجابه إلى ذلك فتبارزا وخلف كل واحد منهما قناة فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف فشرم أنفه وفمه وشق وجهه وحمل عتودة مولى أبرهة على أرياط فقتله ورجع أبرهة جريحا فداوى جرحه فبرأ واستقل بتدبير جيش الحبشة باليمن فكتب إليه النجاشي يلومه على ما كان منه ويتوعده ويحلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيته فأرسل إليه أبرهة يترقق له ويصانعه وبعث مع رسوله بهدايا وتحف وبجراب فيه من تراب اليمن وجز ناصيته فأرسلها معه ويقول في كتابه ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك فلما وصل ذلك إليه أعجبه منه ورضي عنه وأقره على عمله وأرسل أبرهة يقول للنجاشي إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن قبلها مثلها فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء رفيعة البناء عالية الفناء مزخرفة الأرجاء سمتها العرب القليس لارتفاعها لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها وعزم أبرهة الأشرم على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة ونادى بذلك في مملكته فكرهت العرب العدنانية والقحطانية ذلك وغضبت قريش لذلك غضبا شديدا حتى قصدها بعضهم وتوصل إلى أن دخلها ليلا فأحدث فيها وكر راجعا فلما رأى السدنة ذلك الحدث رفعوا أمره إلى ملكهم أبرهة وقالوا له إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم الذي ضاهيت هذا به فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة وليخربنه حجرا حجرا وذكر مقاتل بن سليمان أن فتية من قريش دخلوها
¥