[حكم إهداء ثواب الأعمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم]
ـ[الظافر]ــــــــ[08 - 04 - 06, 11:50 م]ـ
[حكم إهداء ثواب الأعمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم]
لا يجوز إهداء ثواب الأعمال لا قراءة قرآن، ولا صلاة، ولا صيام للنبي صلى الله عليه وسلم، لأن السلف ـ رضي الله عنهم ـ من الصحابة وغيرهم لم يفعلوه، ومعلوم عند أقل الناس علماً أن جميع أعمال العباد الصالحة للنبي صلى الله عليه وسلم مثل أجرها، لأنه صلى الله عليه وسلم هو القائل:" من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (1)، وهو صلى الله عليه وسلم من دلنا على الخير، فما من خير إلا ودل الأمة عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ (ت728هـ): (لم يكن من عمل السلف أنهم يصلُّون ويصومون ويقرؤون القرآن ويهدون للنبي صلى الله عليه وسلم، كذلك لم يكونوا يتصدقون عنه، ويعتقون عنه؛ لأن كل ما يفعله المسلمون فله مثل أجر فعلهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً؛ وأما صلاتنا عليه، وسلامنا عليه، وطلبنا له الوسيلة، فهذا دعاء فيه لنا، ثيبنا الله عليه) (2).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين (ت1421هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ: (بعض المحبين للرسول صلى الله عليه وسلم يهدون إليه القرب كالختمة والفاتحة على روح محمد ـ كما يقولون ـ وما أشبه ذلك.
فنقول: هذا من البدع والضلال، أسألك أيها المهدي للرسول عبادة، هل أنت أشد حباً للرسول صلى الله عليه وسلم من أبي بكر؟. إن قال: نعم؛ قلنا كذبت ثم كذبت ثم كذبت؛ وإن قال لا؛ قلنا لماذا لم يهد أبو بكر للرسول صلى الله عليه وسلم ختمة ولا فاتحة، ولا غيره.
فهذه بدعة، ثم إن عملك الآن، وإن لم تهد ثوابه سيكون للرسول صلى الله عليه وسلم مثله، فإذا أهديت الثواب فمعناه أنك حرمت نفسك من الثواب فقط، وإلا فللرسولِ عملك أهديت أم لم تهد) (3).
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن إهداء ثواب الختمة لروح النبي صلى الله عليه وسلم.
فكان الجواب: (لا يجوز إهداء الثواب للرسول صلى الله عليه وسلم، لا ختم القرآن ولا غيره؛ لأن السلف الصالح من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومن بعدهم لم يفعلوا ذلك، والعبادات توقيفية، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" (4)، وهو صلى الله عليه وسلم له مثل أجور أمته من كل عمل صالح تعمله؛ لأنه هو الذي دعاها إلى ذلك، وأرشدها إليه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (5) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ) (6).
مسألة: الاستئجار على تلاوة القرآن الكريم، وإهداء ثوابها للميت.
الاستئجار على تلاوة القرآن الكريم، أي أخذ الأجرة على إهداء ثواب قراءته إلى الميت، فأهل العلم على عدم جوازه، بلا خلاف بينهم، ولم ينقل أحدٌ منهم الإذن بذلك، وإلى ذلك ذهب الحنفية (7)، والمالكية (8)، والمشهور عند الشافعية (9)، والحنابلة (10).
قال ابن أبي العز الحنفي (ت792هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ: (وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن، ويهدونه للميت، فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحدٌ من أئمة الدين، ولا رخص فيه، والاستئجار على نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف، وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار على التعليم ونحوه، مما فيه منفعة تصل إلى الغير، والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله، وهذا لم يقع عبادة خالصة، فلا يكون ثوابه مما يُهدى إلى الموتى، ولهذا لم يقل أحدٌ: إنه يكتري من يصوم ويصلي ويُهدي ثواب ذلك إلى الميت، لكن إذا أعطي لمن يقرأ ويُعلِّمُهُ ويتعلمه معونة لأهلِ القرآن على ذلك، كان هذا من جنس الصدقة عنه، فيجوز) (11).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ: (وإن الاستئجار على التلاوة لم يرخص فيه أحد من العلماء) (12).
وقال الشيخ ابن عثيمين: (وأما استئجار قارئ يقرأ القرآن ليكون ثوابه للميت، فإنه حرام ولا يصح أخذ الأجرة على قراءة القرآن، ومن أخذ أجرة على قراءة القرآن فهو آثم، ولا ثواب له، لأن قراءة القرآن عبادة، ولا يجوز أن تكون العبادة وسيلة إلى شيء من الدنيا قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (13) (14).
¥