((من نذر)) الهاء تعود على الاعتكاف , أي: من نذر الاعتكاف , أو الصلاة في المسجد غير الثلاثة لم يلزمه , ولهذا قال المؤلف: ((غير الثلاثة)).
ومراده بالثلاثة المسجد الحرام , والمسجد النبوي , والمسجد الأقصى.
قوله: (وأفضلها الحرام, فمسجد المدينة ,فالأقصى)
أي: أفضل المساجد الثلاثة المسجد الحرام, ويليه مسجد المدينة, ويليه المسجد الأقصى.
فهذه المساجد الثلاثة هي التي إذا نذر الصلاة فيها تعينت ..
قوله: (لم يلزمه فيه)
الجملة هنا جواب ((من)) أي: من نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد غير المساجد الثلاثة لم يلزمه , أي: في المسجد الذي عينه.
فالصحيح في هذه المسألة أن غير المساجد الثلاثة إذا عينه لا يتعين إلا لمزية شرعيه,
فإنه يتعين؛ لأن النذر يجب الوفاء به, ولا يجوز العدول إلى ما دونه.
قوله: (وإن عين الأفضل لم يجز فيما دونه وعكسه بعكسه)
يعني إن عين الأفضل من هذه المساجد لم يجزه فيما دونه, فإذا عين المسجد الحرام لم يجز في المدينة, ولا في بيت المقدس , وإن عين المدينة جاز فيها وفي مسجد مكة ((المسجد الحرام)) , وإن عين الأقصى جاز فيه وفي المدينة , وفي المسجد الحرام؛
ولهذا قال: ((عكسه بعكسه)) أي: من نذر الأدنى جاز في الأعلى
قوله: (ومن نذر زمناً معيناً دخل معتكفه قبل ليلته الأولى ,وخرج بعد آخره)
مثاله: نذر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان ,فإنه يدخل عند غروب الشمس من يوم عشرين من رمضان ,ولهذا قال ((دخل معتكفه قبل ليلته الأولى)).
ويخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من الزمن الذي عينه.
والحاصل , أنه إذا نذر عدداً , فإما أن يشترط التتابع بلفظه , أو لا , فإن اشترطه فيلزمه, وإن لم يشترطه فهو على ثلاثة أقسام:
الأول: أن ينوي التفريق؛ فلا يلزمه إلا مفرقة.
الثاني: أن ينوي التتابع , فيلزمه التتابع.
الثالث: أن يطلق فلا يلزمه التتابع , لكنه أفضل؛ لأنه أسرع في إبراء ذمته.
قوله: (ولا يخرُجُ المعتكف إلا لمِاَ لا بُدَّ لَهُ مِنهُ, ولا يعُودُ مريضاً ,ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه)
((ولا يخرج المعتكف إلا لما لابد لهُ منه)) أي: لا يخرج من المسجد الذي يعتكف فيه.
شرع المؤلف-رحمه الله –في بيان حكم خروج المعتكف من معتكفه ,فذكر قسمين: القسم الأول: أن يخرج لما لابد له منه حساً أو شرعاً , فهذا جائز سواء اشترطه أم لا.
وقوله ((لا يعود مريضاً , ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه)) هذا هو القسم الثاني: من خروج المعتكف وهو خروجه لمقصود شرعي له منه بد.
وعُلم من قوله ((إلا أن يشترطه)) جواز اشتراط ذلك في ابتداء الاعتكاف , فإذا نوى الدخول في الاعتكاف. قال: أستثني يارب عيادة المريض أو شهود الجنازة.
ولكن هذا لا ينبغي , والمحافظة على الاعتكاف أولى , إلا إذا كان المريض أو من يتوقع موته, له حق عليه , فهنا الاشتراط أولى. تتمة بقي قسم ثالث: في خروج المعتكف وهو الخروج لماله منه بد وليس فيه مقصود شرعي , فهذا يبطل به الاعتكاف سواء اشترطه أم لا.
قوله: (وإن وطئ في فرج فسد اعتكافه)
((إن وطئ في فرج)) أي: المعتكف ((فسد اعتكافه)) أي: بطل والفساد والبطلان بمعنى واحد إلا في موضعين: الأول: الحج والعمره الثاني: في باب النكاح. مسألة: لو اشترط عند دخوله في المعتكف أن يجامع أهله في اعتكافه لم يصح شرطه؛ لأنه محلِّل لما حرم الله وكل شرط أحل ما حرم الله فهو باطل.
قوله: (ويستحب اشتغاله بالقرب)
أي: يستحب للمعتكف أن يشتغل بالقرب , جمع قربة, ومراده العبادات الخاصة , كقراءة القرآن , والذكر , والصلاة في غير وقت النهي, وما أشبه ذلك وهو أفضل من أن يذهب إلى حلقات العلم , اللهم إلا أن تكون هذه الحلقات نادرة , لا تحصل له في غير هذا الوقت.
قوله: (واجتناب ما لا يعنيه)
يستحب للمعتكف أن يجتنب ما لا يعنيه , أي: ما لا يهمه من قول أو فعل, أو غير ذلك وهذا سنه له ولغيره.
مسألة: هل يجوز أن يزور المعتكف أحد من أقاربه ويتحدث إليه ساعة من زمان؟
الجواب: نعم.