تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرؤية و ليس ولادة الهلال]

ـ[عبدالمنعم الشنو]ــــــــ[22 - 10 - 06, 06:19 ص]ـ

من المهم التفريق بين ولادة الهلال و بين إمكانية رؤيته في منطقة معينة. ولادة الهلال أو ما يسمى ب

New Moon

سهل جدا حسابه بدقة فائقة حتى بالورقة و القلم أو باستخدام آلة حاسبة عادية. لكن هذا الهلال المتولد ما هي إمكانية رؤيته؟؟ هنا اختلف كثيرا من أراد اعتماد الحساب في إثبات بدء الشهر العربي لأنهم أرادوا تطبيق الحديث النبوي (صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته) المتفق عليه بالحساب. لأنه كي نحدد إمكانية الرؤية يجب أولا أن نعرف ما هي ظروف الرؤية الطبيعية. فهل الرؤية الصادقة لصورة الهلال فوق الأفق الموجود حقيقة تحت الأفق (و بالتالي لم يولد بعد) هل هذه تعد رؤية؟ و هل الهلال المولود القريب جدا من الأفق الذي لا يراه عادة إلا من كان حاد البصر جدا تعد رؤية؟ و هل الهلال المولود قريبا من الشمس بحيث أن ضوء الشفق يكاد يغمر نور الهلال تعد رؤية؟ و كم الحد الأدنى للمسافة بين الهلال و الشمس الغاربة كي يمكن أن يقال أن هذا الهلال على هذه المسافة فما فوق يمكن رؤيته للناس العاديين؟ بل ما هي حدة البصر البشرية المعتدة في هذا الحساب؟ و فوق ذلك ما في الظروف الطقسية المثالية و الارتفاع المناسب و مستوى الرطوبة ............. الخ و كل ذلك يؤثر في تحديد إمكانية الرؤية و لابد من ادخاله في حساب إمكانية الرؤية.

فإذا حددوا كل ذلك و قالوا مثلا إن الرؤية المعتمدة هي للشخص ذي قوة بصر 5 على 6 و لابد أن يكون عمر الهلال 7 دقائق فما فوق .... الخ فما هو الدليل من الشرع على كل هذه الشروط؟؟؟ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقس حدة بصر من شهد برؤية الهلال و لا شرط شروطا على رؤية الهلال، بل سماها رؤية وسكت فمن قيد ما أطلقه الشرع بشروط عليه أن يقدم أدلة على هذه الشروط و دون ذلك خرط القتاد. و لذلك هم اختلفوا و تناقضوا، فأصدروا تقويما بناءا على شروط معينة ثم اجتمعوا و غيروا هذه الشروط فتغيرت التقاويم و حدث هذا. ثم إنهم لم يجمعوا على هذه الشروط و لذلك تختلف تقاويمهم من جماعة إلى أخرى و من بلد إلى آخر.

و لا بد من وضع شروط لأن من قال أن الشهر يدخل بولادة الهلال لاشك أنه خالف الحديث المتفق عليه صراحة و هذا واضح بطلانه، و من قال بحساب الرؤية و ليس الولادة لابد أن يحدد شروط الرؤية لإتمام الحساب، وهو حينما اشترط هذه الشروط قيد ما أطلقه الشرع و تناقض مع غيره و لابد.

ثم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) الجامع الصحيح 3869. يدل هذا الحديث على أن الأحكام المتعلقة بتعيين الأشهر تعود صحتها إلى ما أذيع للناس و ساروا عليه و إن خالف ما يسمى بالحساب الفلكي. و يدل على هذا أيضا التوجيه النبوي لأمته أن يكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما إن كان يوم 29 منه غائما، فتتعذر الرؤية. و لم يقل لهم مثلا انظروا إلى القمر يوم الثاني أو الثالث أو الربع عشر من رمضان هل هو بدر أم لا، لكي تتأكدوا من صحة دخول الشهر فتصصحوا الصيام، لم يقل ذلك. ولا اكترث بتصحيح الصيام بناءا على رؤية لاحقة تدل على خطأ حدث بسبب إكمال عدة شعبان. فدل على أن عمر الهلال لايهم و ليس هو الفيصل، بل ما اشتهر و سار عليه المسلمون.

و أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح مما رواه أبو داوود و غيره (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب)، فقد فهم منه بعض أهل العلم منهم المحدث أحمد شاكر رحمه الله أن الأمة إذا ارتفع عنها جهل الحساب جاز لها العمل به في إثبات دخول الشهور. فأولا نحسن الظن بالعلماء القائلين بهذا القول و نقول إنهم مجتهدون لهم إما أجر واحد أو أجران. و ثانيا رجح العلماء الآخرون وهم الأغلب الرأي الآخر (عدم الأخذ بالحساب) و مما يؤيد قولهم إجماع علماء القرون الأولى عليه، لذلك جزم شيخ الإسلام ابن تيمية على صحة هذا القول في رسالته التي كتبها في هذا الموضوع، لأن من المعروف أن الإجماع دليل مثله مثل النص القرآني أو الحديثي. ثم إن هذا الفهم لهذا الحديث طارئ لم يفهمه الصحابة و التابعون منه و هم الأفصح و الأعلم بالدين و الأحرص على الخير و الأقل تكلفا من كل من جاء بعدهم. فكل نص اختلف فيه الصحابة على قولين أو ثلاثة مثلا، ثم فهمه من بعدهم بفهم رابع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير